(٨) دعوى أن سبب الخطبة وقوع بعضهم في علي ، وجعل ذلك قرينة
على إرادة المحبة
قوله : « وإن سبب هذه الخطبة ـ كما روى المؤرخون وأهل السير ـ يدل بصراحة على أن الغرض إفادة محبة الأمير.
وذلك : إن جماعة من الأصحاب الذين كانوا معه في اليمن مثل بريدة الأسلمي وخالد بن الوليد وغيرهما من المشاهير ، جعلوا يشكون لدى رجوعهم من الأمير عند النبي صلّى الله عليه وسلّم شكايات لا مورد لها ، فلما رأى رسول الله شيوع تلك الأقاويل من الناس ، وأنه إن منع بعضهم عن ذلك حمل على شدّة علاقته بالأمير ولم يفد في ارتداعهم ، لهذا خطب خطبة عامة وافتتح كلامه بنص من القرآن قائلا : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم. يعني : إنه كلما أقوله لكم ناشئ من شفقتي عليكم ورأفتي بكم ، وليس الغرض الحماية عن أحد ، وليس ناشئا عن فرط المحبة له.
وقد روى محمد بن إسحاق وغيره من أهل السير هذه القصة بالتفصيل ».
أقول :
إن هذا الكلام ساقط بوجوه عديدة :
إن الاستدلال برواية محمد بن إسحاق في مقابلة أهل الحق في غير محلّه ، لوضوح أن ابن إسحاق من أهل السنة لا من أهل الحق الامامية ، وقد عرفت مرارا من كلام ( الدهلوي ) نفسه وكلام والده وغيرهما أن من قواعد المناظرة في العلوم والمسائل الخلافية أن يستند الخصم في مقام المناظرة إلى روايات الطرف الآخر ، لا روايات علماء طائفته وكتب قومه ، فصنيع ( الدهلوي ) هذا خروج عن القواعد المقررة في علم المناظرة.