فإنّ صرف هذا الاهتمام البالغ في بيان وجوب المودة المفضولة بهذه الكيفية ، وترك الاهتمام بالمودة الفاضلة ، غريب في غاية الغرابة. لكنّ هذا الاستغراب لا يكون في صورة تكرير النص أبدا.
ومن الأمور الغريبة أن ( الدهلوي ) صرّح في جواب الاستدلال بآية التطهير ( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) بأن إرادة الباري عز وجل إذهاب الرجس عن أهل البيت عليهمالسلام وتطهيرهم دليل على عصمة أهل البيت ، وقال : بأن دعاء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بإذهاب الرجس في حق أم سلمة تحصيل للحاصل.
وقد غفل ( الدهلوي ) عن أن الأمة الإسلامية تكرر سورة الفاتحة في كلّ ليل ونهار عشرة مرات في الأقل ، وقد جهل أو تجاهل عن أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مع حصول الهداية له ـ وهدايته هو للآلاف المؤلّفة ـ إلى الصراط المستقيم يطلب من الله سبحانه الهداية إلى الصراط المستقيم في كلّ ليل ونهار خمس مرّات في الأقل!! وهل يقول ( الدهلوي ) أن الهداية لم تحصل له مع هذا الطلب؟ أو أن طلبه كان عبثا وتحصيلا للحاصل؟ ونعوذ بالله من كل ذلك؟
وأيضا ، فقد جعل في باب المكايد سؤال سيدنا إبراهيم عليهالسلام في ليلة المعراج أن يكون من شيعة علي عليهالسلام ، مع كونه من شيعته منذ نبوّته من قبيل تحصيل الحاصل ، ليتمكّن من تكذيب رواية السؤال المذكور من هذا الطريق ... فعلى هذا يمتنع حمل حديث الغدير على إيجاب المودة ، لأنّ الحمل على إيجاب المودّة الثابت في المقامات العديدة الكثيرة من قبل يستلزم تحصيل الحاصل المحال.
الثالث : إنه يظهر من الأحاديث العديدة المذكورة بعضها سابقا والتي سنذكر بعضا آخر منها إن شاء الله تنصيص النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على إمامة أمير المؤمنين عليهالسلام مرارا عديدة ، وهذه الأحاديث أخرجها كبار أساطين أهل السنة ، فرواية تكرير النص على إمامة علي عليهالسلام وتأكيده لا تختص بالشيعة كما لا يخفى على من راجعها.