وإذا ثبتت الأفضلية لعلي عليهالسلام فإنّ الافضلية تثبت إمامته وتبطل خلافة المتقدّمين عليه.
هذا ، ولقد اضطرب أهل السنة في بيان سبب حديث الغدير فذكروا وجوها متضاربة وأسبابا مختلفة ، الأمر الذي يدعو كلّ منصف إلى الاعتقاد بأن جميع ما ذكروه مفتعل ومختلق ، ولا نصيب لشيء من تلك الوجوه من الصحة أبدا.
فتارة يجعلون السبب شكوى بريدة ، وأخرى يجعلونه الكلام الذي وقع بين أمير المؤمنين عليهالسلام وبين أسامة بن زيد ، وثالثة يجعلونه الكلام الذي وقع بين زيد بن حارثة وبين أمير المؤمنين عليهالسلام.
فأمّا الأول فقد ذكره ابن حجر في الصواعق وتبعه عليه البرزنجي وعبد الحق الدهلوي وصاحب المرافض وأمثالهم ، واختاره ( الدهلوي ) مضيفا إليه شكوى خالد بن الوليد وغيره.
وأما الثالث فقد ذكره القاضي عبد الجبار في المغني عن بعضهم. وقد اختاره الفخر الرازي حيث قال : « سلّمنا أنه محمول على الأولى ، لكن لا نسلّم أنه يجب أن يكون أولى بهم في كلّ شيء ، بل يجوز أن يكون أولى بهم في بعض الأشياء ، وهو وجوب محبته وتعظيمه والقطع على سلامة باطنه. فإنه روي أنه عليهالسلام إنما قال هذا الكلام عند منازعة جرت بين زيد وعلي فقال علي لزيد : أنت مولاي ، فقال زيد : لست مولى لك إنما أنا مولى رسول الله عليهالسلام. فقال عليهالسلام هذا الكلام عند هذه الواقعة ، فينصرف الأولوية إلى حكم هذه الواقعة. وهو أن من كنت أولى به في المحبة والتعظيم والقطع على سلامة الباطن فعلي أولى به في هذه الأحكام » (١).
__________________
(١) الأربعين للرازي : ٤٦٣.