في لزوم المحبة ووجوب المودة ، وإن محبة علي عليهالسلام تأتي في المرتبة الرابعة ، فهذا من جهة.
ومن جهة أخرى : لا ريب في تأخّر عمر بن الخطاب عن أبي بكر رتبة ومقاما ، بل لقد وصل تأخّر عمر عنه حدّا بحيث كان يودّ أن لو كان شعرة في صدر أبي بكر ، فقد روي : « عن عمر قال : وددت أني شعرة في صدر أبي بكر. مسدد عن عمر » (١).
بل « عن الحسن قال قال عمر : وددت أني من الجنة حيث أرى أبا بكر. ش » (٢).
بل « عن ضبة بن محصن الغنوي قال : قلت لعمر بن الخطاب : أنت خير من أبي بكر. فبكى وقال : والله لليلة من أبي بكر ويوم خير من عمر عمر ، هل لك أن أحدّثك بليلته ويومه؟ قلت : نعم يا أمير المؤمنين. قال : أمّا ليلته فلما خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هاربا من أهل مكة خرج ليلا ، فتبعه أبو بكر ، فجعل يمشي مرة أمامه ومرة خلفه ومرة عن يمينه ومرة عن يساره. فقال له رسول الله. صلّى الله عليه وسلّم : ما هذا يا أبا بكر؟ ما أعرف هذا من فعلك. فقال : يا رسول الله أذكر الرصد فأكون أمامك ، واذكر الطلب فأكون خلفك ، ومرة عن يمينك ومرة عن يسارك ، لا آمن عليك. فمشى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليلة على أطراف أصابعه حتى حفيت رجلاه ، فلمّا رآه أبو بكر قد حفيت رجلاه حمله على كاهله يشتد به حتى أتى به فم الغار فأنزله. ثم قال :
والذي بعثك بالحق لا تدخله حتى أدخله ، فإن كان فيه شيء نزل بي قبلك فدخل فلم ير شيئا ، فحمله فأدخله ، وكان في الغار خرق فيه حيات وأفاعي ، فخشي أبو بكر أن يخرج منهنّ شيء يؤذي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فألقمه قدمه ، فجعلن يضربنه ويلسعنه الحيات والأفاعي ، وجعلت دموعه تنحدر ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول له : يا أبا بكر لا تحزن إن الله معنا ، فأنزل الله سكينته طمأنينة لأبي بكر. فهذه ليلته.
__________________
(١) كنز العمال ١٤ / ١٣٨.
(٢) كنز العمال ١٤ / ١٣٧.