قوله : « وإن قول النبي : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم مأخوذ من الآية القرآنية ، ومن هنا جعل هذا المعنى من المسلّمات لدى أهل الإسلام ، وفرّع عليه الحكم اللاحق له ».
أقول :
إنّا نحمد الله ونشكره على إلجائه ( الدهلوي ) على الاعتراف بهذا الأمر الذي يقوله أهل الحق ويثبت على ضوئه مطلوبهم ، فإن هذه الفقرة لمّا كانت مأخوذة من الآية المباركة ، وقد عرفت دلالتها على الأولوية بالتصرف في عامة الأمور حسب تصريحات جهابذة المحققين من أهل السنة ، تكون قرينة على أن المراد من « من كنت مولاه فعلي مولاه » نفس ذلك المعنى ، وهو الأولوية بالتصرف في جميع أمور المؤمنين عامة.
فاعترافه المذكور ينتهي إلى الاستدلال المطلوب لأهل الحق. ولله الحمد. قوله : « ولقد وقع هذا اللفظ في القرآن في موقع لا يصح أن يكون معناه الأولى بالتصرف أصلا ... ».
أقول :
إن كلام ( الدهلوي ) هذا من أقوى الشواهد على متابعته للكابلي في خرافاته التي سطرها في كتابه ، فلم يراجع كتب الحديث والتفسير ، ولم يلاحظ كلمات أئمة طائفته في تفسير الآية المباركة هذه ، وكان أكبر همّه وأكثر سعيه مصروفا إلى الردّ على استدلالات أهل الحق ، مع التعسف والمكابرة وإنكار الحقائق الراهنة.
وإنا نقول هذا وننّبه عليه حتى لا يغتّر الناظرون في كتابه ، من أوليائه ومقلّديه وغيرهم بما تفوّه به وسطرته يده تبعا لهواه ، بل يجب عليهم التفحّص والتوقّف والدقة والتأمل ، ثم الأخذ بما يقتضيه الإنصاف وتساعده الأدلة والبراهين.
وبعد ، فقد عرفت من كلمات أئمة القوم وأكابر المفسرين كالواحدي ، والبغوي ، والزمخشري ، والبيضاوي ، والنسفي ، والخوئي ، والنيسابوري ، والشربيني : أن المراد من الأولوية في الآية المباركة ( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) أولوية النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالمؤمنين في جميع الأمور ، وفي