تجعلوني أحب إلى أنفسكم من أنفسكم ، وإن من يحبني يحب عليا ، اللهم أحب من أحبه وأبغض من أبغضه ».
أقول :
من الغريب جدا فرار ( الدهلوي ) عن بيان المعنى الذي يزعمه للفظة ( المولى ) في قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم « من كنت مولاه فعلي مولاه » بعد نفيه دلالته على ( الأولى ) مكابرة وعنادا للحق وأهله ... ففي كلماته السابقة اكتفى بالقول بأن ( الولاية ) هي بمعنى ( المحبّة ) ساكتا عن المعنى المراد من ( المولى ) أهو ( المحب )؟ أو ( المحبوب )؟ وهنا يكتفي ببيان حاصل معنى الخطبة حسب زعمه!!.
إن جعل ( الدهلوي ) لفظة ( المولى ) بمعنى ( المحب ) فواضح أنه ليس معنى « من كنت مولاه فعلي مولاه » ما ذكره من أن من أحبني فقد أحب عليا ، بل يكون المعنى بالعكس ، وهو أنه يجب على أمير المؤمنين عليهالسلام أن يحب الآخرين.
وإن جعل ( المولى ) بمعنى ( المحبوب ) فلا بدّ أولا من أن يثبت مجيء ( المولى ) بهذا المعنى من كلمات أئمة اللغويين ، بحيث لا يرد عليه ما زعموا وروده على كونه بمعنى ( الأولى ) ، ثم يدّعي كون حاصل معنى الخطبة ما ذكره.
قوله : « وكل عاقل يصدّق بصحة هذا الكلام وحسن انتظامه ».
أقول :
نعم ينبغي للعاقل أن يتأمل في مدى تعصب ( الدهلوي ) وعناده للحق ، فهو يدعي بطلان ما يذكره أهل الحق بالاستناد إلى الأدلة القويمة والبراهين القاطعة ، ثم يدعي إفادة « من كنت مولاه فعلي مولاه » معنى لا سبيل إلى إثباته إن جعل ( المولى ) فيه بمعنى ( المحبوب ) ، لعدم مساعدة اللغة ، وان جعله بمعنى ( المحبوب ) فهو يفيد عكس ما ذكره ، فمن أين يثبت هذا الذي ذكره؟!
على أنك قد عرفت رواية السيد علي الهمداني الحديث بلفظ : « ألست أولى بكم من أنفسكم آمركم وأنهاكم ليس لكم عليّ أمر ولا نهي؟ » فإنه صريح في أن المراد من ( المولى ) هو ( الأولى ) بالمؤمنين من أنفسهم بالتصرف والأمر والنهي.