الشريعة قد يكون واقعيّا وقد يكون ظاهريّا والانظار فى الثانى من حيث الاجزاء وعدمه مختلفة ويكون موافقته مفيدة للاجزاء عن الامر الواقعى ومسقطا للاعادة والقضاء عند فقيه فتكون العبادة صحيحة عنده وغير مفيدة عند آخر وغير مسقط لهما فتكون فاسدة وعلى هذا لو كان المراد من الامر عند المتكلّم فى تفسير الصحّة هو خصوص الامر الواقعى فموافقته موجبة لاتّصاف العبادة بالصحّة عند الفقيه والمتكلّم وامّا الامر الظاهرى فالعبادة الموافقة له لا تكون صحيحة عند المتكلّم وتكون صحيحة عند الفقيه القائل بالاجزاء وذلك لانّ على هذا التقدير لا يعدّ امتثال الامر الظاهرى عند المتكلّم اطاعة بحيث يترتّب عليها الثواب استحقاقا ومجازاة بل مقتضاه كون العبد فى مقام الانقياد ويستحقّ المثوبة تفضّلا والمدار فى الموافقة الّتى يترتّب عليها المثوبة بعنوان الجزاء هو الاتيان بما يكون محصّلا لتمام الغرض ومتضمّنا للمصلحة التامّة ولو كان المراد به فى تفسيرها عند المتكلّم ما يعمّ الامر الظاهرى فالعبادة الموافقة للامر الظاهرى تكون صحيحة عندهما بناء على الاجزاء وغير صحيحة عند الفقيه بناء على عدم الإجزاء إذا تقدّم هذا فنقول ظاهر عبائر الاكثر كونهما من الامور الاعتباريّة الصرفة المنتزعة ويدور تحقّقهما مدار تحقّق منشإ انتزاعهما والحقّ فى المقام هو التفصيل وبيانه ان الصحّة والفساد بناء على تفسير المتكلّم تكونان من لوازم الماهيّة المجعولة فينتزعان من تصوّر الطبيعة المامور بها اذا لوحظت موافقته لما امر به بمعنى انّه متى وجدت الطبيعة المامور بها فى الذّهن او الخارج ولوحظت مطابقتها لما امر به او عدمها انتزعت منها الصحّة والفساد نظير انتزاع الزوجيّة من الاربعة والفوقيّة من الفوق فكما تكون الزوجيّة للاربعة والفوقيّة للفوق ملازمة لذاتهما بحيث لا يتوقّف انتزاعهما على جعل ولا تنفكّان عن تصوّر ماهيّتهما فى الذهن او وجودهما فى الخارج فكذلك الصحّة والفساد على تفسير المتكلّم ينتزعان من مطابقة المتصوّر او المأتيّ به مع المامور به وعدمها من دون توقّف على تحقّق الفعل فى الخارج موافقا او مخالفا وليس لهما وجود آخر غير نفس المطابقة وعدمها فاذا لوحظت الطبيعة فى الذهن او مصداقها فى الخارج موافقة او مخالفة ترتّب عليهما الصحّة والفساد لكونهما من لوازمهما بل يكون وجودهما عين المطابقة والمخالفة وبالجملة تكون الصحّة والفساد على تفسير المتكلّم وصفين اعتباريّين منتزعين من مطابقة المأتيّ به مع المامور به وعدمها وامّا على تفسير الفقيه فالظاهر انّ الصحّة فى الاتيان بالعبادة الموافقة للمأمور به الواقعى تكون من لوازم وجود ماهيّة المأمور به فانّ العقل يحكم بالبداهة بكون هذا المأتيّ به مسقطا للاعادة والقضاء ولا يتصوّر معه ثبوتهما فالصحّة بهذا المعنى عند العقل بالنّسبة الى هذا الامر من لوازم وجود المأتيّ به كلزوم ضوء الشمس لها والاحراق للنار فكما انّ وجود الضوء والاحراق لا ينفكّ عن وجود الشمس والنّار ويكونان من لوازم وجودهما