اصطلاح المتكلّمين ومن الواضح انّهما بهذا المعنى يكونان من الاوصاف الّتى لا دخل لها بالجعل الشرعىّ وامّا على اصطلاح الفقهاء فهما عبارتان عن اسقاط القضاء وعدمه وبهذا المعنى ايضا لا يكونان مجعولين فانّ القضاء انّما هو لتدارك ما فات ومع عدم الفوت لا قضاء ومعه لا اسقاط فعدم التدارك مع عدم الفوت كالتدارك وثبوت القضاء مع الفوت ليس امرا مجعولا بل التعبير بالقضاء ليس الّا لخروج وقت العبادة وفوت مصلحة الوقت وهو لا يتدارك فهما بكلا المعنيين ليسا بجعل جاعل وانّما يكونان انتزاعيّين وعلى ما سنذكره من انّ الظاهر كون الصحّة عند الكلّ بمعنى التماميّة فهما ايضا عنده من الامور الانتزاعيّة وامّا فى المعاملات فالفساد بمعنى عدم ترتّب الاثر ومرجعه الى امر عدمىّ موافق للاصل وامّا الصحّة بمعنى ترتّب الاثر فالاثر المترتّب ان كان من قبيل الاحكام التكليفيّة كإباحة التصرّفات فى البيع والصّلح والهبة فالكلام فيها حينئذ هو الكلام فى السببيّة للتكليف اذ يرجع صحّتها حينئذ إلى سببيّتها لآثارها وان كان من قبيل الملكيّة والزوجيّة والحريّة والطّهارة فهذه الامور بنفسها ليست احكاما شرعيّة مجعولة نعم الحكم بثبوتها اى الاخبار عنها والتّصديق بها من دون جعل شرعىّ وهى إمّا أن تكون منتزعة من الاحكام التكليفيّة ومعنى الملكيّة كون الشيء بحيث يجوز الانتفاع به وبعوضه والطّهارة كون الشيء بحيث يجوز استعماله فى الاكل والشرب فأسبابها حينئذ تكون كمسبباتها انتزاعيّة وتكون اسبابا للحكم التكليفى وإمّا أن تكون امورا واقعيّة كشف عنها الشارع فتكون اسبابها ايضا كذلك هذا ما أفاد في معنى الصحّة والفساد وغيرهما من الاحكام الوضعيّة وقد فصّلنا الكلام فى انّ الّذى اراه ويختاره النظر القاصر هو انّ ما ذكره قدسسره حقّ لا محيص عنه فى السببيّة والشرطيّة وغيرهما ممّا كان علّة للتكليف او كان من اجزائها فانّها مفاهيم انتزاعيّة ولا يتصوّر فيها الجعل التشريعى لا اصالة ولا تبعا وامّا الجزئيّة والشرطيّة لما هو جزء للمأمور به او شرط له فهى تقبل الجعل تبعا وامّا الملكيّة والزوجيّة والحريّة والطّهارة والنجاسة والحجيّة والقضاوة والولاية والوكالة والضّمان وغيرها ممّا يعدّ من الاحكام الوضعيّة فهى مجعولة بالاصالة وتكون امورا اعتباريّة ذوات آثار شرعا وعرفا والموجود الاعتبارى متاصّل فى عالم الاعتبار ولا مانع من تحقّق امر بوجوده الاعتبارى بنفس اعتبار المعتبر اذا كان شرائط اعتباره موجودة وامّا الصحّة والفساد فيصحّ ان يقال ان الصحّة فى العبادات والمعاملات جميعا عند الكلّ بمعنى واحد وهو التماميّة كما هى معناها لغة وعرفا ولكن يختلف ما هو المطلوب فى بابهما من الآثار الّتى بالقياس اليها يتّصف العمل بالتماميّة وعدمها فالصحّة فى العبادة والمعاملة بمعنى واحد والاختلاف بين الفقيه والمتكلّم انّما هو لاجل الاختلاف فيما هو المهمّ من الآثار عند كلّ من الطّائفتين وعلى هذا فيمكن ان يكون شيء واحد صحيحا عند كلّ من الفقيه والمتكلّم وان يكون صحيحا عند احدهما وفاسدا عند آخر وذلك لانّ الامر فى