اعتبار كلّ من الظهورين يقتضى القاء احتمال خلافه مع فرض انّ كلّا منهما هو احتمال خلاف الأخر فيلزم من شموله لكلّ منهما عدم حجيّة شيء منهما فى مؤدّاه فلا يثبت للمورد حكم احد الدليلين وبالجملة انّ احتمال خلاف ظاهر الدّليل الاجتهادىّ المتكفّل لبيان الحكم الواقعىّ انّما هو الاحتمال الموافق لمقتضى دليل اعتبار الأصل بخلاف العكس فمقتضى الحكم بالاخذ بالظهورين هو البناء على عدم احتمال خلافهما ومعنى ذلك انّه لم يرد الشارع ذلك الحكم الظاهرىّ فى مورد ظهور الدّليل الاجتهادىّ فيكون دليل اعتبارهما مفسّرا للمراد من قوله ع لا تنقض مثلا وحاكما عليه فافهم واغتنم والحمد لله ربّ العالمين قوله (ثمّ انّه ربما ينسب الى بعض ايجاب التعبّد بخبر الواحد) قد نسب السّيد المحقّق السّيد محسن فى المحصول ذلك الى بعض العامّة ومدركه أمران الاوّل انّ ترك العمل بخبر الواحد مظنّة للضّرر ودفع الضّرر المظنون واجب الثّاني انّه لو لم يجب العمل بخبر الواحد للزم خلوّ اكثر الوقائع عن الحكم واللازم قبيح فكذا المقدّم والقبيح محال على الحكيم تعالى والجواب امّا عن الاوّل فبانّه ان اراد ذلك مطلقا حتّى فى حال الانفتاح ففساده واضح وان اراد خصوص صورة الانسداد فمرجعه الى بعض الادلّة المذكورة لحجيّة الظّن فيها وسيأتى الكلام عليها. وامّا عن الثّانى فبما افاده فى المتن قوله (لا بدّ من تأسيس الاصل الّذى يكون عليه المعوّل) اعلم انّ كلامه طاب ثراه انّما هو فى تاسيس الأصل بالنّسبة الى الحكم التّكليفى والمهمّ إنّما هو تأسيس الاصل فى الحكم الوضعى اعنى حجيّة الظّن الّذى لم يثبت اعتباره وذلك لانّ الغرض الاصلىّ من اعتبار الامارة هو تنجّز التكليف الواقعى بها اذا صادفته وصحّة المؤاخذة على مخالفته وصحّة الاعتذار بها لدى مخالفتها إيّاه وبعبارة أخرى الغرض المهمّ من اثبات اعتبار الأمارة هو اثبات ما يكون حجّة من المولى على العبد وله على المولى بحيث يستحقّ بذلك المثوبة من المولى ولو من جهة انقياده ويصحّ منه المؤاخذة عنه ولو من جهة التجرّى فالغرض منها هو ترتيب آثار الواقع على مؤدّى الأمارة والغاء احتمال خلافها وامّا الالتزام بها وصحّة اسنادها اليه تعالى فليسا من المهمّ فى مقام اثبات اعتبارها وبعبارة ثالثة حال الأمارة ليس كحال اصالتى الإباحة والطّهارة ونحوهما من الأصول المجعولة فانّها احكام حقيقيّة شرعيّة فعليّة وامّا الأمارة فليس جعلها الّا باعتبار كونها ناظرة الى الواقع وليس الغرض المهمّ منها الّا تنجّز الواقع بها فى صورة الاصابة والمعذوريّة فى غيرها ولا اشكال فى انّ ما لم يعلم اعتباره وشكّ فى حجيّته وجعله فالاصل عدم حجيّته عقلا عقليّة كانت او شرعيّة فانّ العقل اذا لاحظ مثلا مقدّمات الانسداد وبقى شاكّا يقطع بمجرّد التحيّر بعدم حجيّة الظّن وهكذا فى الحجّة الشرعيّة فانّ ما شكّ فى اعتباره شرعا ولم يحرز جعله من قبله يحكم بعدم اعتباره قطعا وبعدم ترتّب الآثار المرغوبة من الحجّة على ما لم يحرز كذلك فلا يصحّ المؤاخذة على التّكليف او الاعتذار عن المخالفة بمجرّد