القسم الثالث فهو كالحجيّة والقضاوة والملكيّة وغيرها من الامور الاعتباريّة ذوات الآثار شرعا او عرفا ومن الممكن عقلا ان يكون لهذه الامور جعل استقلالا كجعل الولاية لشخص ممّن له الجعل وان ينتزع تبعا للتكليف على اختلافه من الايجاب والتحريم والاباحة وغيرها فيكون التكليف منشأ لانتزاعها وانّما الكلام فى تعيين واقعيّة هذه الامور وانّها على اىّ من الوجهين والتّحقيق انّها مجعولة بالاستقلال فانّ كلّ حكم من الاحكام لو لاحظناه نرى انّه فى اىّ مورد كان لا يكون منشأ لها مثلا نرى كون المعاطاة مفيدا للاباحة على مسلك المشهور واباحة التصرّف لكلّ واحد من المتعاطيين لا يصلح لانتزاع الملكيّة فى موردها وكذا من البديهى عدم صحّة انتزاع الزوجيّة من وجوب الانفاق وجواز النظر ففى غير مورد تكون هذه الاحكام ثابتة ولا ينتزع منها الزوجيّة كما فى وجوب الانفاق على الامّ وجواز النظر الى بدنها وكما فى جواز وطى الجارية بالتحليل وربما نرى ثبوت الملكيّة لشيء مع منع المالك من التصرّف فيه لكونه محجورا فذلك يشهد بعدم انتزاعها بتبع التكليف حيث لا تكليف فى المحجور يصلح لذلك مع ثبوت الاضافة الخاصّة بينه وبين الشيء فهذه الأمور معتبرة بمجرّد جعل من له الجعل سواء كان له ذلك بالذّات كالله تعالى وامنائه من الانبياء والاوصياء او كان له بالاعطاء كمن اعطى له الولاية فى المال ونحوه فصاحب الامر ومن بيده اختيار المال يجعل الشيء الفلانى ملكا لعمرو من دون نظر الى انتزاعه من التكليف اصلا ولو كانت الملكيّة بعد تمليك من بيده اختيار المال موقوفا على ثبوت حكم وانتزاعها منه لزم ان لا يقع ما قصد وان يقع ما لم يقصد فانّ المالك يقصد تحقّق الملكيّة بالعقد الواقع مع انّها لا تقع على القول بانتزاعها من التكليف بل على هذا القول ما يتحقّق من قبل العقد هو اباحة التصرّف للمشترى وهى غير مقصودة وبعد تحقّق الاباحة يخترع الملكيّة ويحصل اعتبارها بتبع اباحة التصرّف والمهمّ فيما نستند اليه فى كون هذه الامور متاصّلة فى الجعل والاعتبار هو كثرة التفكيك بينها وبين التكليف فربّ مورد يكون الحكم فيه اباحة التصرّف وجواز الوطى وجواز النّظر ولا يصحّ انتزاع الملكيّة او الزوجيّة وربّ مورد يكون الحكم فيه حرمة التصرّف او لا يكون فيه تكليف كالمحجور والصّبى ومع ذلك يصحّ اعتبار الملكيّة ونرى صحّة اعتبار الولاية بمجرّد جعلها ممّن له ذلك من دون ان يلحظ فيه حكم بل حيث انّها من الاعتبارات الّتى تكون لها آثار واحكام ينظر الى تلك الاحكام بعد جعلها ولا ينظر فى اعتبارها الى احكامها ويشهد لما ذكرنا ما ورد فى الشرع من القضايا الظاهرة فى جعل الحكم الوضعى كحديث من اتلف ومقبولة عمر بن حنظلة الّتى رواها المشايخ الثلاثة عن الحجّة ارواحنا فداه المشتملة على قوله ع فانّى قد جعلته عليكم حاكما وقوله ع الماء كلّه طاهر الى غير ذلك قوله هذا كلّه فى السّبب والشّرط) فيه نوع مسامحة لوضوح انّ المراد السببيّة والشرطيّة ونحوهما قوله (وامّا الصحّة والفساد فهما فى العبادات) اى على