استقلالا بالدلالة الحاصلة من الوضع وبالملكيّة المتحقّقة بالعقد وتقريب الاوّل انّه لو قال الواضع جعلت هذا اللفظ دالّا على هذا المعنى أثر وضعه وجعله فى الدلالة حيث انّه لم يكن دالّا عليه قبل الوضع والمؤثّر فى دلالته هو الوضع واذا امكن انشاء تاثير اللفظ بقوله جعلت اللّفظ للدلالة على هذا المعنى فليكن كذلك انشاء السببيّة وغيرها من اجزاء العلّة للتكليف وتقريب الثانى انّه قد جعل العقد وغيره من الاسباب كالموت سببا لاختراع الملكيّة ومنشأ لانتزاعها ولم تكن حاصلة قبل السبب المجعول فيكون المصحّح لاختراعها هو احد تلك الاسباب بمجرّد جعله وإنشائه قلت أمّا النقض بالدلالة الحاصلة من الوضع فالمراد من الدّلالة امّا ان يكون هو الدلالة التصوّرية وخطور المعنى فى الذهن بمجرّد احساس اللّفظ الدالّ بالسمع او بالبصر او بغير ذلك او التّصديقيّة بمعنى التصديق بكون الموضوع له مرادا عند اللّافظ فإن كان المراد من انّ المؤثّر فى الدلالة نفس الوضع هو انّه المؤثّر فى الاخطار فنمنع كون الوضع سببا له ولذا يخطر المعنى الى الذّهن عند نفى الوضع بمجرّد احساس اللّفظ فلو قال القائل ما وضعت هذا اللّفظ لهذا المعنى لكان سماعه من وراء الجدار موجبا لاخطار ذاك المعنى الى الذّهن ويكشف ذلك عن انّ المؤثّر فى الدلالة ليس نفس الوضع والجعل بل السّبب للدّلالة هو العلم بالمعنى الموضوع له والالتفات اليه نعم يكون له دخل فى تحقّق هذه الدلالة ولكن اين هذا من دعوى حصول الدلالة التصوّرية من الوضع فان قلت لو كان الامر كما ذكرت فلنا ان نمنع فى باب التكاليف تحقّقها بمجرّد انشائها فلا يكون المؤثّر فى حدوث الايجاب بعد كونه مسبوقا بالعدم انشائه بل المؤثّر هو العلم والالتفات اليه والغاية انّ للانشاء دخلا فى تحقّق الايجاب مع انّ المسلّم فى باب التكاليف تحقّقها بمجرّد إنشائها قلت العلم بالايجاب يكون موجبا لتنجّز التكليف ومتمّما للمرتبة الّتى يوجب ترتّب المثوبة على موافقة الايجاب والعقوبة على مخالفته ولا ريب فى انّ الايجاب يتحقّق بانشائه قبل العلم به ويكون لموافقته ومخالفته مع قطع النظر عن تعلّق العلم به آثار والغاية انّه لا يوجب مخالفته فى هذه المرتبة استحقاقا للعقوبة والذّم لوضوح كون ذلك من آثار تنجّزه وعدم ترتّب آثار المرتبة اللاحقة لا يقتضى نفى المرتبة السّابقة واصل التكليف فنفس انشاء الايجاب هو المؤثّر فى حصوله وتحقّقه وهذا بخلاف اخطار المعنى الموضوع له فى الذّهن حيث لا يخطر المعنى فى ذهن السّامع بمجرّد وضع اللّفظ دالّا على المعنى والّا لكان اللّازم اخطاره قهرا مع الغفلة عن الوضع والمعنى لانّ الفرض كونه مؤثّرا فى الدلالة التصوّرية فيكشف عدم اخطاره فى هذا الفرض عن عدم كون المؤثّر فى الدلالة مجرّد الوضع بل المؤثّر هو الالتفات إليه وبالجملة تحقّق الدّلالة التصوّرية بواسطة الالتفات الى المعنى الموضوع له غير حصولها وتحقّقها بمجرّد الوضع وان كان المراد انّ المؤثّر فى حصول العلم بارادة المعنى الموضوع له من اللّفظ او فى حصول الظّن بها هو