يتحقّق بمجرّد انشائه بعد ما لم يكن فليكن المفروض فى هذا القسم كذلك فانّه يقال انّ الايجاب كسائر الاحكام التكليفيّة وان كان تابعا لمصلحة كامنة فى الفعل او فى الامر به على القولين فى المسألة على مسلك العدليّة الّا انّه لا دخل له بما ذكرت فانّ النّهى عن الفحشاء مصلحة مقتضية لايجاب الصّلاة على المكلّف فى الاوقات الخمس والشّارع اذا لاحظه ورآه واجدة للخصوصيّة المستتبعة للامر بالصّلاة فيأمر بها وينشأ وجوبها واذا لم يكن فيها هذه الخصوصيّة لم يأمر بها واين هذا ممّا أوردت لا يقال مقتضى كون الشّارع قادرا على كلّ شيء هو كونه قادرا على جعل السببيّة لدلوك الشّمس بمجرّد إنشائه فإنّه يقال ليس محلّ الكلام هو الايجاد والتكوين وانّما هو فى الجعل والتشريع وانّ مجرّد قوله جعلت هذا سببا وقصد حصول معناه به هل يؤثّر فى حصوله وتحقّقه واذا قلنا بالعدم لا يلزم منه العجز الّذى هو من نقصان الوجود ومناف لمرتبة الموجود التامّ الّذى وجوده فوق الكمال والتّمام وتساوى القادر تعالى مع غيره فى هذا لا يكون نقصا عليه تعالى وبالجملة الكلام فى انّ السّبب الجعلىّ هل يؤثّر كالحقيقى بمجرّد جعله وانشائه سببا من دون ان يتغيّر عمّا هو عليه من الذاتيّات والصّفات فالدّلوك يؤثّر فى الوجوب بمجرّد انشاء السببيّة له مع انّه لم يكن كذلك قبله وهو الآن فى ذاته على ما كان عليه من قبل بلا تفاوت اصلا وهذا لا ربط له بقدرة الشّارع وعجزه تعالى عن ذلك علوّا كبيرا فان قلت ما يصحّ الاخبار عنه يصحّ انشائه فاذا صحّ قول المولى جعلت الدلوك سببا اخبارا صحّ قوله جعلته سببا انشاء فانّ الانشاء قليل المئونة وليس الّا قصد حصول المعنى باللّفظ وشبهه كما انّ الاخبار به حكايته وبيان تحقّقه فى موطنه بهما قلت إنّ الانشاء وان كان قليل المئونة ومنطبقا مع الاخبار موردا الّا انّه لا يلزم ان يكون الانشاء ذا فائدة فى كلّ مورد كما انّ الاخبار ايضا لا يلزم ان يكون كذلك فالقول بانّ كلّما يصحّ الاخبار عنه يمكن انشائه مسلّم الّا انّه ربما يكون الانشاء كالاخبار لغوا لا يترتّب عليه اثر وكلامنا فى انّ انشاء السببيّة لما ليس بسبب لغو لا يترتّب عليه اثر كما انّ انشائها لما فيه الخصوصيّة المستتبعة لها لغو ايضا وكيف ما كان انشاء السببيّة لما ليس فيه ما يوجب ذلك من دون ان يغيّره عمّا هو عليه يكون لغوا وان غيّره رجع الى التكوين وهو غير مقام الجعل والتشريع والحاصل انّه لا يؤثّر شيء فى شيء من دون حصول ربط بينهما تكوينا والّا لزم ان يؤثّر كلّ شيء فى كلّ شيء وهذا الرّبط لا يتحقّق بمجرّد انشاء مفهومه وما يوجب حدوث ذلك الربط خارج عن مقام التشريع وامّا الثانى وهو عدم امكان جعله تبعا للتكليف فلانّ التكليف متأخّر عن هذه الامور بالطبع حدوثا وارتفاعا ولا يوجد قبل وجودها ولا يرتفع قبل ارتفاعها واذا كان كذلك فكيف يعقل ان يكون منشأ لانتزاعها وان شئت قلت هذه الامور علّة لحدوث التكليف وكيف يعقل ان يكون المعلول منشأ لانتزاعها ومن المستحيل تاخّر السبب عن المسبّب وتقدّم المعلول على العلّة فإن قلت ينتقض قولكم بعدم امكان جعل هذه الامور وعدم قابليّة هذا النّحو من الوضع لذلك