صفة اوجدها الشارع باعتبار الفصول او الخصوصيّات لا يكون دليلا على عدم معقوليّته وذلك لقصور العقول عن ادراك مناطات الاحكام اللاحقة للاشياء باعتبار الصّفات القائمة بها وعلى اىّ حال فمرجع كلامه المتقدّم الى انّ سببيّة شيء لشيء بمعنى ثبوت ذلك الشيء عند حصوله بتأثير حصوله فى ثبوته هل يتحقّق بانشائها التشريعى كما يتحقّق الوجوب بانشائه ففى قول الشارع مثلا دلوك الشمس سبب لوجوب الصّلاة يتحقّق سببيّته لوجوبها فيكون فعلا للشارع ام لا ونحن نقول انّ السببيّة اى تأثير شيء فى شيء ليست ممّا يتحقّق بنفس انشائها فانّ التأثير والتأثّر انّما هو من جهة خصوصيّة توجب الربط الخاصّ والمفروض عدمها والّا كان متحقّقا بدون الانشاء وما لا تحقّق له لا يتحقّق بالانشاء ايضا وحدوث تلك الخصوصيّة الموجبة للربط بنفس انشاء السببيّة غير معقول اذا عرفت هذا فنقول انّ التّحقيق حسب ما يؤدّى اليه النظر الدقيق انّ ما عدّ من الوضع على انحاء منها ما لا يقبل الجعل التأليفى التشريعى لا اصالة ولا تبعا وان كان قابلا للجعل البسيط بالعرض وبالتّبع ومنها ما لا يقبل الجعل التأليفى التشريعى الّا تبعا ومنها ما يمكن فيه الجعل بانشائه استقلالا كالتكليف وتبعا للتكليف بان يكون منشأ لانتزاعه فالاوّل هو ما كان علّة للتكليف او كان من اجزائها كالسببيّة والشرطيّة والمانعيّة والرافعيّة لما هو سبب التكليف وشرطه ومانعه ورافعه فانّه غير قابل للجعل التشريعى التأليفى لا اصالة ولا تبعا أمّا الاوّل فلما عرفت من انّ جعل السببيّة ونحوها لما ليس بسبب ليس الّا كجعل الحلاوة لما ليس بحلو فكما لا يتحقّق الحلاوة فى الشيء بمجرّد قوله جعلته حلوا فكذلك لا يتحقّق السببيّة لشيء بمجرّد جعله سببا تشريعا فانّ هذا العنوان لا يكون الّا لاجل خصوصيّة فى الشيء مستدعية لهذا العنوان ولذا صار هذا الشيء مختصّا بهذا العنوان دون غيره والّا لم يكن وجه لتخصيصه بهذا العنوان دون غيره وتسمية الشيء الفلانى بالسّبب والآخر بالشرط لا تكون الّا لاجل خصوصيّة فى كلّ منهما مستدعية لذلك والّا لجاز ان يسمّى كلّ منهما باسم الآخر فما صار سببا لامتياز كلّ عن غيره وامتياز غيره عنه هو الخصوصيّة الموجودة فى كلّ منهما فما ليس فيه تلك الخصوصيّة الموجبة لذلك يكون مثل ما ليس فيه الحلاوة فكما انّ انشاء الحلاوة وجعلها تشريعا لا يكاد يؤثّر فى تحقّقها فكذلك جعل السببيّة لما ليس فيه تلك الخصوصيّة فمجرّد قول المولى هذا سبب انشاء بان يكون المقصود حصول معناه به لا يؤثّر فى حصوله وتحقّقه بل يكون الشّيء على ما كان عليه قبل الانشاء بلا تفاوت فان كان هذا الشيء قبل هذا الانشاء مشتملا على الخصوصيّة المستدعية لكونه سببا يكون على تلك الحال ويكون الانشاء لغوا لكونه تحصيلا للحاصل وان لم يكن قبله مشتملا عليها فلا فائدة فى هذا الإنشاء لا يقال انّ ايجاب ما لم يكن واجبا يكون ايضا لخصوصيّة ومصلحة مستدعية لايجابه ومع ذلك