التكليف والوضع إنشاء بجعل واحد ام اريد انّهما إنشاءان بجعلين بل الخطاب لا يستفاد منه الّا التكليف سواء كان الخطاب بلفظ الانشاء كقوله اكرم زيدا ان جاءك فانّ المستفاد منه ليس الّا وجوب الاكرام عند مجيئه وانتزاع سببيّة المجيء للوجوب لا مدخليّة لدلالة الخطاب بتعلّق الجعل بها كانتزاع مسببيّة وجوب الإكرام حينئذ أو كان بلفظ الاخبار كقوله دلوك الشمس سبب لوجوب الصّلاة فانّ المستفاد منه ليس الّا الاخبار عن تحقّق الوجوب عند الدّلوك واستفادة المفهوم الانتزاعى عن الخطاب لا يوجب تغيّر الاوّل عمّا هو عليه وثانيا بأنّ الحكم الوضعى غير قابل للجعل والتقرّر والانشاء لا استقلالا ولا تبعا بقوله مضافا الى انّه لا معنى لكون السببيّة مجعولة فيما نحن فيه حتّى يتكلّم انّه بجعل مستقلّ او لا وتوضيح مرامه بحيث لا يشذّ عنه شيء ان لا كلام فى اختلاف الحكم التكليفى مع السببيّة والشرطيّة والمانعيّة والجزئيّة مفهوما وكذا لا كلام فى انّها من المعانى الملحوظة عند جعل الحكم التكليفى لانّ الشرطيّة والجزئيّة ملحوظتان فى الامر بالمركّب والمشروط وكذلك الكلام فى السببيّة والمانعيّة وكذا لا كلام فى ارتباطها بالمامور به بمعنى انّ لها مدخليّة فى المصلحة الكامنة فيه بناء على تبعيّة الاحكام للمصالح والمفاسد او لها مدخليّة فى الغرض وإنّما الكلام فى انّ الامور المذكورة هل هى مجعولة بالجعل الشرعىّ كالاحكام التكليفيّة سواء كان جعلها مستقلّا ام كان جعلها وجعل التكليف بجعل واحد او انّ المجعول الشرعىّ هو التكليف وهذه امور اعتباريّة انتزاعيّة محضة ويختار أنّ الحقّ انّها ليست الّا على الوجه الثانى فانّها امور لا قابليّة لها للجعل والانشاء مثل الموجودات الخارجيّة فكما لا يتعقّل فيها الجعل التشريعىّ لانّ المقصود من الجعل ان كان كينونتها على ما هى عليها فهى حاصلة ولا اثر للجعل فى ذلك اصلا وان كان كينونتها على غير ما هى عليها فهى محال وتبدّل الوجود بالوجود امر آخر ليس المحلّ قابلا لذلك كذلك لا يتعقّل ذلك فى السببيّة واخواتها ولا يتصوّر هذه الامور الّا ان تكون اعتباريّة محضة ولا وجود لها الّا بوجود منشإ انتزاعها كالمسببيّة والممنوعيّة وكالمطلوبيّة للمامور به ضرورة انّ الوجوب انّما يحصل من انشاء الطلب الالزامى وبعد تحقّق انشاء الطلب يتحقّق الوجوب وبذلك يحصل صفة المطلوبيّة للمامور به ويحصل العلم بانّه محبوب او مبغوض والسببيّة القائمة بالشّيء كالدّلوك بالنّسبة الى وجوب الصّلاة ليست من لوازم ذاته فليست هى معنى يوجب ايجاب الشارع للفعل عند حصوله اى ليست ممّا له تحقّق خارجىّ ولو فرض انّه كذلك لم يقبل الجعل لكونه بنفسه امرا واقعيّا حينئذ لا تناله يد الجعل اثباتا ونفيا وليست ايضا ناشئة من الوجوه والاعتبارات للشّيء حتّى يكون باعتبار الفصول او باعتبار الخصوصيّات من حيث الصّنف او الشخص اوجدها الشارع فى الشيء بان يكون من فعله التشريعى حتّى يكون كالتكليف فعلا للحاكم والمنشئ فليست الّا امورا انتزاعيّة صرفة لا حظّ لها من الوجود التكوينى والتشريعىّ ولكن لا يخفى انّ عدم ادراكنا لكون السببيّة