يقضى باختصاصه بالالزاميّات وعلى تقدير العموم يعلم حكم غير الإلزاميّات من التكلّم فيها فالاولى تخصيص العنوان بها وذكر الادلّة على طبقها الامر الثالث قد يتوهّم انّ البحث عن مسئلة كون الاصل فى الاشياء الحظر او الإباحة يغنى عن البحث عن مسئلة البراءة والاشتغال بل البحث عن احدى المسألتين عين البحث عن الأخرى والصّواب أنّ البحث فى كلّ منهما يغاير الاخرى والكلام فى الأولى انّما هو فى ان الاصل الاوّلى فى الاشياء مع قطع النّظر عن الادلّة الشرعيّة وبيان الشارع من الكتاب والسنّة هل هو الجواز والاباحة او الاحتياط والحظر سواء كانت الشّبهة وجوبيّة ام تحريميّة حكميّة او موضوعيّة قيل بالثانى لقاعدة الضرر فانّ العقل يستقلّ بوجوب دفعه وقد استقرّ عليه بناء العقلاء من غير فرق بين اقسام الضّرر حتّى ما كان موهوما اذا لم يكن احتمال الضّرر معارضا بما هو اقوى منه ألا ترى انّه لو اخبرنا طفل او مجنون بوقوع السمّ فى احد الإناءين ولم يحصل لنا من قوله سوى الوهم وكان الإناء الأخر مأمونا عليه لجزم العقل بالاجتناب عمّا توهّم وقوع السمّ فيه ويحترز العقلاء عنه ولو اقدم على الموهوم بدون عذر فاصابه ضرر يذمّونه ويلومونه عليه معلّلين بانّه اقدم على اضرار نفسه ولا ريب انّ الضرر الاخروى اعظم من الدنيوي والمحكىّ عن شريف العلماء طاب ثراه انّ مقتضى حكم العقل وان كان هو الاجتناب لكن فى خصوص الضّرر الاخروى بل مطلق التكاليف الّتى تحتاج الى البيان حتّى العرفيّة منها كان بناء العقلاء من لدن آدم عليهالسلام الى عصرنا هذا على عدم الاحتراز عن الضّرر المحتمل ترتّبه على عدم امتثال الأوامر والنواهى الغير المعلومة وقد كان المؤمنون فى عصر النّبى ص والأئمة ع لا يأتون بما يحتملون وجوبه ولا يتركون ما يحتملون حرمته بمجرّد الاحتمال ولم نعثر على منع عن المعصوم ع عن سلوك هذه الطريقة وكان هذا سيرة اهل الاديان والمسلمين جميعا وكذلك الاوامر العرفيّة فانّهم لا يلتزمون بالامتثال بمجرّد الاحتمال فاين بناء العقلاء على الاجتناب عن كلّ ضرر محتمل بل يستكشف من السيرة وبناء العقلاء فى الاوامر العرفيّة انّ العقل لا يحكم بالحظر فى امثال هذه المقامات والحقّ هو البراءة مطلقا فانّ حكم العقل بلزوم الاجتناب عن الضرر الموهوم ممنوع وبناء العقلاء ايضا مستقرّ على عدمه بالتقريب الّذى ذكرناه سواء كان الضّرر دنيويّا ام اخرويّا وسواء كان من مقولة العقاب او المصالح والمفاسد الكامنة فى الأشياء فإنّه إن كان الضرر عقابا فعدم وجوب الاحتراز ما لم يكن مقطوعا واضح لان العقاب تابع للعلم وما يقوم مقامه وما لم يحصل الجزم بالتكليف لم يصحّ توجّه العقاب فلم يتحقّق موضوع الضرر سواء كان التكليف مظنونا او مشكوكا او موهوما ضرورة قبح العقاب مع عدم البيان بحكم العقل والعقلاء وقد مرّ عليك ما ينفعك فى المقام فإن قلت إنّ قاعدة لزوم دفع الضرر بيان فمع