احتماله لا يصحّ البناء على البراءة قلت هذا يستقيم عند ثبوت موضوع الضّرر وحيث قلنا بانّ عدم العلم بالبيان يوجب رفع الموضوع فلم يبق احتمال الضرر عند الشّك فى البيان حتّى يجب الاجتناب فقاعدة البراءة على هذا واردة على قاعدة الضّرر لاقتضائها انتفاء موضوعها وان قلنا بتقدّمها على كلّ دليل سواها شرعيّا كان او عقليّا مع تحقّق موضوعها وان كان الضّرر دنيويّا ومن الخواصّ المترتّبة على ذوات الاشياء كالقسوة والغفلة والبخل وعدم الغيرة المسبّبة عن اكل لحم الخنزير مثلا فكذلك نمنع حكم العقل بلزوم الاجتناب بمجرّد الاحتمال والوهم وكثيرا ما نرى العقلاء يقدمون مثلا على السّفر من الطريق المحتمل الضرر ولا يعبئون بمجرّد الاحتمال فان قلت كيف يمكن انكار حكم العقل وبناء العقلاء على لزوم ترك الاناء الموهوم وقوع السمّ فيه واخذ المأمون منه او لزوم ترك السّفر من الطريق المخوف مع التمكّن من سلوك الطريق المامون الى غير ذلك قلت الفرق بين ما نحن فيه والمثال واضح ولا كلام فى وجوب دفع الضّرر ولو موهوما بحكم العقل والعقلاء اذا كان الطرف المقابل للشبهة مامونا يقينا وهذا اجنبىّ عن مفروض المسألة فانّ الكلام فيه انّما هو فيما كان باب العلم بالواقع منسدّا ولا سبيل الى تحصيل العلم بما هو المامون يقينا وحكم العقل وبناء العقلاء على لزوم الاجتناب بمجرّد احتمال الضّرر فى الاقدام على فعل بنفسه ممنوع جدّا والسّر في ذلك انّ البناء على الاحتياط والاحتراز عن كلّ موهوم الضرر مستلزم لاختلال النظام وهذا امر ارتكازىّ اجمالىّ عند العقل والعقلاء ثمّ انّ الفرق بين مسئلة الحظر والإباحة ومسئلة البراءة والاشتغال هو ما اشرنا اليه من انّ البحث فى الاولى انّما هو بلحاظ ما يستقلّ به العقل فى حكم الاشياء مع قطع النظر عن ورود دليل من الشارع فى حكمها والبحث فى الثانية انّما يكون بعد لحاظ ما ورد من الشارع فى حكم الاشياء وقد اخذ فى موضوعهما الشّك فى الحكم الواقعى المتعلّق بالاشياء بعناوينها الأوليّة الأمر الرابع انّ تشخيص مسائل العلم قد يحصل بمعرفة خواصّ تلك المسائل وخاصّة مسائل علم الاصول عدم افادتها الّا للمجتهد وخاصّة مسائل علم الفقه ان يكون المجتهد والمقلّد فيها سواء بعد تنقيحها واخراجها من الادلّة فاصالة البراءة ان كان مجريها من الاحكام الكليّة فهى من المسائل الاصوليّة لانّ العمل بالبراءة مشروط بالفحص وليس الفحص فى الكتاب والسنّة ونحوهما وظيفة المقلّد وان كان مجريها من الموضوعات الصّرفة فهى من المسائل الفقهيّة لجواز استعمالها فيها للمقلّد كقاعدة اليد واصالة حمل فعل المسلم على الصّحة والاستصحاب والاشتغال ونحوها فانّه يجوز للمقلّد استعمالها فى موضوعاتها والمسألة الفقهيّة ما يكون المبحوث عنه محمولا اوّليّا لفعل المكلّف من دون توسيط شيء آخر والبراءة فى الموضوعات متعلّقة بالعمل كذلك المساوى فيه المجتهد والمقلّد الأمر الخامس قسّم المصنّف الشّك فى التكليف على اقسام وعدل صاحب الكفاية الى انّ محلّ الكلام فى المقام هو انّه لو شكّ فى وجوب شيء او حرمته ولم تقم عليه حجّة معتبرة فهل يذمّ على ترك