اثبات الحكم الشرعى وما يتخيّل من انّه اذا علمنا اجمالا بكون الحكم فى الواقع امّا الوجوب او الاستحباب واذا نفى احدهما لزمه ثبوت الآخر ففيه أوّلا انّ هذا ليس اثباتا للحكم الشرعى بنفس الدليل العقلى بل بواسطة مقدّمة خارجيّة اتفاقيّة وثانيا أنّ الاصول لا يثبت بها الّا صرف الاحكام المتعلّقة بنفس مجاريها وامّا اللوازم العقليّة والعاديّة فلا يثبت بها وثالثا لو سلّم حجيّة الاصول المثبتة فانّما هى بالنّسبة الى لوازمها الذاتيّة الغير المتخلّفة عنها وامّا لوازمها العارضة لها من باب الاتّفاق بتوسيط مقدّمة خارجيّة كالعلم الاجمالى فى المثال فلم يلتزم بها أحد ورابعا لنا ان نفرض الكلام فيما اذا اتّسع دائرة العلم الإجمالي بحيث دار الإجمال بين الاربعة كما اذا شككنا فى كون حكم الواقعة هو الوجوب او الاستحباب او الكراهة او الإباحة فبعد نفى الوجوب والالزام بالبراءة لا يتعيّن بالاستلزام الّا القدر المشترك بين الثّلاثة ومن الواضح انّه ليس حكما شرعيّا والاحتياط ليس وجوبه الّا ارشاديّا محضا من باب المقدّمة العلميّة فانّ العقل اذا لاحظ الأمر بالصّلاة متوجّها بها الى القبلة واشتبه عليه القبلة يحكم بوجوب الصّلاة الى اربع جهات او ازيد لو لا الإجماع على كفايتها لكن لا على نحو الالزام بتلك الصلوات بخصوصها بل على طريقة الارشاد والهداية الى عدم القطع ببراءة الذّمة الّا بفعل المجموع نظير أوامر الاطبّاء للمرضى فانّه ليس فى امرهم الزام سوى احراز مصلحة الصحّة ويدلّك على ما ذكرنا ما قالوا فى معنى الوجوب الارشادى بانّه اخبار عن الاثر الوضعى المترتّب على الشيء قهرا من دون ان ينشأ الامر حكما اصلا بل ليس مقصوده سوى بيان حال الواقع وبالجملة ليس الاحتياط الّا من كيفيّات الاطاعة والاطاعة غير قابلة للاتّصاف بالوجوب والالزام بحيث لو تركها المكلّف استحقّ العقاب على نفس عدم الاطاعة كما يستحقّ بتركها العقاب المكتوب لمتعلّقها وأمّا وجه عدم صلوحها لتعلّق الحكم الشرعى بها فامران الاوّل انّ الاطاعة بمعنى موافقة الامر وهى امر انتزاعىّ غير متأصّل ولا صالح للوجود الخارجى ابدا وليس كسائر الواجبات الّتى هى افعال خارجيّة متأصّلة فى الوجود فانّها من لوازم الماهيّات المامور بها ومن غاياتها المترتّبة عليها وليس جعلها الّا جعل متعلّقاتها الثّانى لزوم الدور او التسلسل وهو واضح وقد علم ممّا ذكرنا الفرق بين المقدّمة العلميّة وغيرها من مقدّمة الوجود او الوجوب او الصحّة فانّ فى القول بوجوبها الالزامى لا يلزم محال بخلاف المقدّمة العلميّة كما أنّ الفرق بين الضرر العقابى والضرر المالى الدنيوىّ واضح حيث انّ الاحتياط من جهة الخوف فى الوقوع فى الاوّل لا يتّصف بالوجوب الالزامى بخلاف الثّانى فانّهم يحكمون بوجوب الاحتياط وحرمة تركه فيه حرمة ذاتيّة موجبة لاستحقاق العقاب ويحكمون بوجوب الصّوم فى السفر الّذى يحتمل فيه الضّرر وسرّه أنّ الضرر الدنيوى متاصّل من حيث الوجود الخارجى وقابل لان يلاحظه الشارع ويحكم عليه بوجوب الاحتراز عنه الزاما وتكليفا و