يوجب القطع بالمطلوب فلا يطلق على نفس القطع الخامس انّ على تقدير الجعل امّا ان يكون هناك جعلان وحكمان احدهما لمتعلّق العلم فى الواقع والآخر له بنفسه باعتبار كونه كاشفا وطريقا كما هو الحال فى الظنّ المجعول والأمارات المعتبرة الّا انّ الحكم الفعلى تابع للأمارة وليس للحكم الواقعى الّا مجرّد الشّأنيّة ولا ضير فيه لاحتمال الخلاف وعدم انكشاف الواقع وامّا ان يكون جعل واحد لمتعلّق العلم فقط ولم يكن العلم الّا طريقا ذاتيّا للواقع الّذى تعلّق به الجعل او لنفس العلم خاصّة دون الواقع بحيث لا يكون له مع قطع النّظر عن العلم حكم اصلا والأوّل باطل لانّه يستلزم ثوابين او عقابين فى حقّ القاطع فى صورة الإطاعة او المعصية لأنّ المفروض فعليّة التّكليفين لاحراز الواقع بواسطة القطع وهذا لا يلتزم به احد بخلاف الأمارات الظنّيّة اذ ليس هناك تكليف فعلىّ سوى التّكليف الظّاهرى ولا يلزم مع تعدّد الجعل الّا ثواب واحد او عقاب كذلك والثّانى عين ما قلناه والثّالث مستلزم للدّور لأنّ العلم الطّريقى لا بدّ له من حكم ومتعلّق سابقين عليه فهو واقع فى المرتبة الثّالثة ففى الفرض وهو ما كان العلم طريقا وكاشفا يكون القطع موقوفا على سبق الحكم والحكم موقوف على وجود القطع لأنّ المفروض وحدة الجعل وانّه تابع للقطع ومترتّب عليه فيلزم تقدّم الشّىء وهو الحكم على نفسه وهو محال ونظير ذلك ما قيل فى مسئلة الحسن والقبح فانّ القائلين بتبعيّة الأوامر والنّواهى للحسن والقبح خلافا للأشاعرة المنكرين لذلك اختلفوا فبعضهم قال بالحسن والقبح الذّاتى مطو بعضهم قال بانّهما بالوجوه والاعتبارات وبعضهم فرّق بين المقامات وانّهما قد يكونان ذاتيّين وقد يكونان بالوجوه وهو الصّواب ثمّ إنّ بعض القائلين بالتّبعيّة بالاعتبار استثنوا من جملة الاعتبارات صفتى العلم والجهل نظرا الى انّ تبعيّة الاحكام لهذين الوصفين مضافا الى التّصويب المجمع على بطلانه مستلزمة للدّور لانّ العلم بالحكم الإيجابي مثلا يقتضى سبق الحكم عليه وثبوت الحكم لموضوعه يقتضى سبق الحسن فالعلم بالحكم متأخّر عن الحسن ولو كان الحسن ناشئا من العلم لزم تقدّم العلم عليه وكذلك فى العلم بالحكم الغير الايجابى فيستحيل ان يكون للعلم مدخل فى الاحكام الكلّية النّفس الأمريّة لانّها تابعة للحسن والقبح ولو بالاعتبار وكيف يصير العلم بالحكم محسّنا او الجهل مقبّحا وبهذا يردّ القول بالتّصويب ايضا ثمّ لا يخفى انّ لزوم الدّور انّما هو لو اخذ القطع بالحكم فى موضوع نفس هذا الحكم وامّا لو اخذ فى مثله او ضدّه لزم اجتماع المثلين او الضّدّين وكلاهما محالان ايضا فظهر من جميع ما ذكرنا أنّ القطع يستحيل ان يجعل موضوعا للقضيّة او جزء موضوع ولا يكون الّا من جهات القضيّة كالضّرورة مثلا فى القضايا الموجّهة ويمتنع القول بكونه حجّة لأنّ من شأنها ان تكون داخلة فى القضيّة ومكرّرة فى القياس والقطع بملاحظة الاحكام المترتّبة على متعلّقه ليس كذلك فانّه دليل على ثبوت الحكم لمتعلّقه لا على اتيانه له فوجوب متابعة القطع باعتبار كونه طريقا صرفا ومرآة للواقع وحاكيا عنه يرجع الى