والحرف أيضا ، واحتاج الناظم إلى هذا التفضيل مع العلم به مما قبله ، لأن آدم ميّزه الله تعالى عن الملائكة بالعلوم التي علمها الله تعالى له ، وكانت سببا لأمرهم بالسجود والخضوع له بعد استعلائهم عليه بذمه ومدحهم بقولهم ( أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها ) إلى آخره ، فربّما يتوهم أن هذه المرتبة الباهرة لم تحصل لنبيّنا صلّى الله عليه وسلّم ، إذ قد يوجد في المفضول ما ليس ذلك في الفاضل.
فردّ ذلك التوهّم ببيان آدم عليهالسلام لم يحصل له من العلوم إلاّ مجرّد العلم بأسمائها ، وأن الحاصل لنبينا صلّى الله عليه وسلّم بحقائقها ومسمياتها ، ولا ريب أن العلم بهذا أعلى وأجلّ من العلم بمجرد أسمائها ، لأنها إنما يؤتى بها لتبيين المسميات فهي المقصودة بالذات وتلك بالوسيلة وشتان ما بينهما ، ونظير ذلك أن المقصود من خلق آدم عليهالسلام إنما هو خلق نبينا صلّى الله عليه وسلّم من صلبه.
فهو المقصود بطريق الذات وآدم بطريق الوسيلة ، ومن ثم قال بعض المحققين : إنما سجد الملائكة لأجل نور محمّد صلّى الله عليه وسلّم في جبينه ».
قلت : إنّ عليا عليهالسلام كان مع محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم في ذلك النور بمقتضى الأحاديث المذكورة ، فالملائكة إذا سجدت للنور الذي كانا معا منه ... وهذا يستلزم أفضليّته من غيره ، ما عدا النبي بلا ريب وشك.
ومن المناسب أن ننقل هنا كلمة ابن حجر والشيخ سليمان بالنسبة إلى القصيدة الهمزية وناظمها ... قال ابن حجر ما ملخصه :
« وأجمع ما حوته قصيدة من مآثره صلّى الله عليه وسلّم وخصائصه ومعجزاته ، وأفصح ما أشارت إليه منظومة من بدائع كمالاته ما صاغه [ صوغ التبر الأحمر ، ونظمه نظم الدرر والجوهر ، الشيخ الامام العارف الكامل الهمام المتفنن