ليست النواهي الأولية الواردة على الموضوعات ، لأن ذلك بيد الشارع ، وقد فعل ذلك وختم طوماره بموت النبي وانقطاع الوحي ، غير ان كل ما يرد من العترة الطاهرة كلها حاكيات عن التشريع والورود الأولى ، وعلى ذلك ينحصر المراد من قوله «يرد» على الورود على المكلف أي الوصول إليه حتى يرتفع بذلك ، الحكم المجعول للشاك ، وهذا عين الحكم الظاهري.
واما احتمال كون الإطلاق بمعنى اللاحظر حتى يكون بصدد بيان حكم عقلي ومسألة أصولية أو كلامية ، أو بمعنى الحلية الواقعية قبل الشرع المستكشف بحكم العقل الحاكم بكون الأشياء على الإباحة ، وبملازمة حكم العقل والشرع ، ففي غاية البعد ، فان ظواهر هذه الكلمات كون الإمام بصدد بيان الفتوى ، ورفع حاجة المكلفين ، لا بيان مسألة أصولية أو كلامية أو عقلية ، ولو فرض كونها بصدد بيان الحكم العقلي ، أو بيان التلازم يشكل إثباته بالرواية ، لعدم صحة التعبد في الأحكام العقلية أو ملازماتها كما لا يخفى.
٩ ـ ومن الروايات : صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج المنقولة في أبواب ما يحرم بالمصاهرة عن أبي إبراهيم عليهالسلام قال : سألته عن الرّجل يتزوج المرأة في عدتها بجهالة أهي ممن لا تحل له أبدا فقال عليهالسلام اما إذا كان بجهالة فليتزوجها بعد ما تنقضي عدتها فقد يعذر الناس بما هو أعظم من ذلك ، قلت : بأي الجهالتين أعذر بجهالة ان ذلك تحرم عليه أم بجهالة انها في العدة قال عليهالسلام إحدى الجهالتين أهون من الأخرى الجهالة بان الله تعالى حرم عليه ذلك ، وذلك لأنه لا يقدر معه على الاحتياط ، قلت فهو في الأخرى معذور قال : عليهالسلام نعم إذا انقضت عدتها فهو معذور في ان يزوجها.
وجه الدلالة : ان التعبير بالأهونية في جواب الإمام ، وبالأعذرية ، لا يناسب الأحكام الوضعيّة ، فان كون الجهل عذرا وموجبا لعدم التحريم الأبدي لا مراتب له فلا بدّ من الحمل على الحكم التكليفي ، إذ هو الّذي يتفاوت فيه بعض الاعذار ، ويكون بعضها أهون من بعض ، فالغافل المرتكب للمحرم ، أعذر من الجاهل الملتفت المرتكب له وان كان ارتكابه بحكم أصل البراءة ، و (عليه) فالرواية دالة على