ويرد .. أولا : بأن المراد بمن خوطب به أهل الحق ومطلق من يريد اتباعه في مقابل من يتبع الهوى ، فهذه الأخبار نظير قوله تعالى : (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ).
وثانيا : أن المراد بها ما يختص بالمعصوم من القرآن ، كالبطون السبعة أو السبعين التي قصرت العقول عن دركها ، ولا بد فيه من تأييد إلهي ، لأن القرآن كمظهر للّوح المحفوظ وام الكتاب ، والكتاب المبين الذي قال الله تعالى فيه : (وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) والإحاطة بالقرآن من حيث كونه مظهرا لام الكتاب تختص بنفوس قدسية خاصة ، وليس ذلك من شأن كل أحد وإن بلغ من العلم ما بلغ ، وليس المراد به الظواهر التي يشترك في فهمها العالم والسوقي ، مثل قوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) ، وقوله تعالى : (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ).
وثالثا : إنا نتمسك بظاهر القرآن بعد المراجعة إلى السنن المعصومية الواردة في بيانه وتفسيره ، فقد أخذنا الظاهر عمن خوطب به.
ورابعا : أنها معارضة بالآيات الكريمة الدالة على الترغيب في التدبر في القرآن والتفكّر فيه ، وبالأخبار الكثيرة الواردة بمضامين مختلفة في مقام التمسك بالقرآن ، والاحتجاج به على الخصام ، ومعرفة الأحكام منه ، وعرض الأخبار المتعارضة عليه ، وغير ذلك مما يستفاد منه استفادة قطعية أن حجية ظواهره كانت مسلّمة لدى الشرع الأقدس.
واخرى : بأن العلم الإجمالي بورود مخصصات ومقيدات عليه ، يمنع عن التمسك بظاهره.
ويرد : بأن من شرط التمسك بالظاهر هو الفحص واليأس عن الظفر بما يخالفه ، فينحل العلم الإجمالي قهرا بهذا التفحّص التام ويصير من الشك البدوي بلا كلام.