اصطلاح الفقهاء ، بل العقلاء.
ويمكن أن يقال : إن كل ما ليس بحكم تكليفي وله دخل فيه ، أو في متعلقة ، أو في موضوعه فهو حكم وضعي ، فاكتفاء بعض بذكر السببية ، والشرطية والمانعية ، أو بزيادة العلية ، والعلامية ، والرخصة والعزيمة ، أو زيادة الولاية والقضاوة أو نحوها ـ كما عن آخرين ـ ليس من جهة الحصر ، بل من باب ذكر الغالب.
ثم إن البعث نحو الفعل ـ المعبر عنه بالوجوب ـ أو الترك ـ المعبر عنه بالحرمة ـ أو البعث نحو الفعل مع الإذن في الترك المعبر عنه بالندب ، أو البعث نحو الترك كذلك المعبر عنه بالكراهة ، أو الترخيص المطلق نحو الفعل والترك والمعبر عنه بالإباحة ، ليست مما تختص بشريعة دون اخرى ، بل هي ثابتة في جميع الشرائع ، بل في أفعال العقلاء ولو لم يكن التزام بشريعة أصلا ، وتكون من الفطريات قررها الشرع.
نعم ، تختلف متعلّقاتها باختلاف الشرائع ، فرب شيء يكون واجبا في شريعة هو حرام في اخرى أو بالعكس ، فأصل الأحكام الخمسة التكليفية من الاعتباريات الفطرية العقلائية لم يردع عنها الشرع ، فكيف بالأحكام الوضعية ـ كالشرطية ، والسببية ، والمانعية ، والجزئية ، والعلية ، والعلامية ، والقضاوة والولاية وغيرها ـ مما كانت شائعة بين الناس ثم وردت الخطابات الشرعية مشتملة عليها ، فاستفيدت منها السببية الشرعية والمانعية ونحوها.
ثم إنهم قد اختلفوا في الوضعيات ، فمن قائل بأنها انتزاعيات محضة عن التكليفيات ، واختاره الشيخ الأنصاري قدسسره ونسبه إلى المشهور أيضا وادعى الوجدان في ذلك.
وفيه .. أولا : أنه لم تكن المسألة معنونة في كتب القدماء حتى يستظهر الشهرة فيه ، مع أنه لا وجه لاعتبار هذه الشهرة الاجتهادية.