وفيه : أنه إن كان المراد به الغالب فله وجه ، وإلا فلا تنحصر الأحكام بخصوص المظنونات ، بل تشمل اليقينيات والمسلّمات.
كما أن تعريفه بأنه : استفراغ الوسع في تحصيل الحجة على الحكم.
مخدوش : أيضا ، إذ لا يشمل جميع موارد المعذورية في ترك الواقع ، إذ ليس فيها حكم إلا أن يعمم الحكم إليها أيضا.
ولا بد وأن يفسر أصل الاجتهاد بتفسير كلي يشمل جميع العلوم ، ويذكر فيه قيد خاص مختص بالعلم المطلوب فيه الاجتهاد ، كما هو الشأن في كل تعريف له صغريات كثيرة.
ولعل الأولى تعريفه : بأنه بذل الطاقة في تحصيل الوظائف الدينية من الأخبار الشارحة للكتاب.
ثم إنه قد نسب إلى بعض تحريم الاجتهاد ، فإن أراد به القياس والاستحسان والرأي في مقابل المعصوم عليهمالسلام ، فلا يذهب أحد من الإمامية إلى جوازه ، وإن أراد تحريم بذل الطاقة البشرية في تحصيل الوظائف الدينية من الأخبار المعصومية الشارحة للكتاب الكريم ، فلا يتوهم أحد مرجوحيته فكيف بحرمته ، لأن الاستفادة من الظواهر وردّ متشابهات الأدلة الى محكماتها ، والجمع العرفي ـ المقبول لدى العقلاء بين مختلفاتها ـ من الفطريات البشرية غير المختصة بمذهب وملة.
ثم إن مقتضى الأصل عدم حجية الرأي ونفوذ الحكم إلا في ما دلّ عليه الدليل بالخصوص ، فيعتبر في الاجتهاد جميع ما يحتمل دخله فيه ، ولكن مقتضى إطلاق مثل قوله عليهالسلام : «انظروا إلى رجل منكم نظر في حلالنا وحرامنا» ، وقوله عليهالسلام : «وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا» ، كفاية ما له دخل في فهم المراد من الكلام وفي الاستظهارات العرفية من الأدلة ، كاللغة والعلوم الأدبية في الجملة ، وما له دخل في حصول الوثوق بصدور الأخبار ، ولا