الاهتمام بالحديث نقلا وضبطا وناقلا ومنقولا عنه ومنقولا إليه ، وإظهارا لكذب المفترين والكاذبين مهما تيسر ذلك ، بحيث يصح أن يقال : إن الكذب في الاستناد كان ملازما لظهور الكذب وفضيحة الكاذب. ويمكن تأسيس أصل معتبر ، وهو أصالة عدم تعمد المسلم في الكذب على النبي صلىاللهعليهوآله والإمام عليهالسلام ، ولا وجه لذكر السند في غير الواجبات والمحرمات بعد فرض الاعتماد على المتن وتسامح العلماء فيه. وأما الواجبات والمحرمات فهما محفوفتان بقرائن معتبرة ، يحصل منها الوثوق بالصدور خصوصا بين المتأخرين الذين بذلوا جهدهم في تهذيب الفقه عن الأخبار الضعيفة والروايات النادرة ، فلا ثمرة في تعيين طبقات الرجال بعد كون متن الحديث موثوقا به من سائر الجهات.
الثامنة : موجبات الوثوق بالصدور كثيرة جدا خصوصا في زمان ظهور المعصومين عليهمالسلام وأوائل الغيبة الصغرى ، وليست منحصرة في الوثوق بالرواة فقط ، وقد جمع جملة منها شيخنا المحدث العاملي قدسسره في الفائدة الثانية من خاتمة الوسائل ، وهناك موجبات اخرى يستخرجها الفقيه المتتبع.
التاسعة : نسبة النبي صلىاللهعليهوآله والمعصومين عليهمالسلام إلى من يروي عنهم نسبة المعلم إلى المتعلم ، وهكذا النسبة بين كل طبقة سابقة والطبقة اللاحقة الذين يتلقون الأحاديث عنهم ، ومقتضى العادة والسيرة أن المتعلم لا يكذب على المعلم فيما يتعلم منه وإن فعل ذلك لشاع وظهر ، كما أن مقتضى العادة أن لكل مذهب وملة أقواما مخصوصين في كل عصر وزمان يهتمون بحفظ ما يتعلّق بذلك المذهب ويدافعون عمن يريد الدس والافتراء فيه ، وهذه العادة جارية في مذهب الإمامية ، بل على نحو أشد وأمتن فإنهم المعروفون بالثقة والصلاح ولا يدخل فيهم من كان خارجا عنهم إلا ويظهر حاله في مدة قليلة ، كما لا يخفى على من راجع أحوال الرواة. هذا مع قطع النظر عن عناية الله تعالى بالشريعة الختمية والمذهب العدل ، فإن المقطوع به من عناياته الخاصة ، أنه تعالى يوفق