ودعوى : أن المتيقن إنما هو الوجوب المقيد بالوقت ، وهو معلوم الارتفاع بعد الوقت ، والشك إنما هو في حدوث وجوب آخر ، فيكون من القسم الثالث من أقسام استصحاب الكلي الذي ثبت بطلان الاستصحاب فيه.
مردودة : بأن المستصحب هو ذات التكليف من حيث هو ، لأن المفروض الشك في أن التوقيت كان من باب وحدة المطلوب أو تعدده ، فلا محذور في الاستصحاب. نعم ، لو ثبت أن التوقيت كان من باب وحدة المطلوب فهو من القسم الثالث بلا إشكال.
ويمكن التمسك بأصالة البراءة أيضا ، لأن التقييد بلحاظ بعض مراتب المطلوب معلوم يقينا. وأما بلحاظ تمام مراتبه أو كون القيد مقوما لأصل المطلوبية فهو مشكوك ، فيرجع فيه إلى الأصل فيبقى ذات الوجوب بعد الوقت أيضا.
ثم إنه إذا ثبت القضاء وشك بعد الوقت في الإتيان بالمأمور به في الوقت وعدمه ، فإن كان في البين دليل على عدم الاعتناء بالشك ـ كما ورد في الصلاة ـ فلا إشكال فيه. وإلا فلا يصح التمسك لوجوبه بإطلاق الدليل ، أما بناء على عدم تكفّله للقضاء فهو معلوم. وأما بناء عليه فلأنه من التمسك بالدليل في الموضوع المشتبه. ويصح التمسك بأصالة عدم الإتيان ، سواء كان موضوع القضاء مطلق عدم الإتيان ، أم الفوت لأنه عبارة اخرى عن عدم الإتيان عرفا ، فالترك والفوت وعدم الإتيان مساوق كل واحد مع الآخر عرفا ، وإن أمكن الفرق بينهما بالدقة العقلية ، ولكنها ليست مما تدور عليها الأحكام الشرعية.
القسم السابع : الأصلي والتبعي
والأصلي ما أنشأ عن إرادة استقلالية ، والتبعي ما أنشأ عن إرادة تبعية ، ولعل هذا هو مراد من عرّفهما : بالتفصيلية والإجمالية. وعند الشك فيهما تجري أصالة عدم الاستقلالية وعدم التبعية ، وتسقطان بالمعارضة ويصح التعريف