ختام فيه امور :
أحدها : ظاهر أدلة العبادات اعتبار المباشرة فيها ، إلا أن يدل دليل على الخلاف ، وعليه استقرت الفتوى والسيرة أيضا. كما أن مقتضى المرتكزات عدم سقوط العباديات بالمحرّم ، لأن التقرب بالمبغوض مما تأباه العقول ، وأما التوصليات فلا يعتبر فيها المباشرة إلا مع الدليل على الخلاف ، كما أنها تسقط بالمحرم وإن أثم ، وكل ذلك من القضايا التي قياساتها معها. وتفصيل هذا الإجمال يطلب من الفقه.
ثانيها : إطلاق دليل الوجوب يقتضي أن يكون عينيا نفسيا تعيينيا ، لأن الكفائية ، والغيرية ، والتخيرية ، تحتاج إلى دليل خاص ، وقرينة مخصوصة ، ومع العدم فالمرجع إنما هو حكم العقل ، فكما استفدنا أصل الوجوب بحكم العقل ، فكذا عدم هذه الخصوصيات أيضا. وهذا مقتضى الأصل العملي أيضا ، أي أصالة عدم السقوط بفعل الغير ، أو في ضمن فرد آخر. يمكن أن يستدل عليه بأصالة الإطلاق أيضا ، لأن استفادة جنس الوجوب من حيث هو لا وجه له ، لأن أدلة الأحكام تدل على الأنواع لا الجنس من حيث هو ، واستفادة التخيير بين الأنواع أيضا ممنوع ، فينحصر الإطلاق في ما ذكر على فرض كون الوجوب مفاد الدليل اللفظي ، فتتحد نتيجة الأصل العملي مع الأصل اللفظي. نعم في ما لو شك في الوجوب الغيري ، ولم يكن وجوب ذي المقدمة فعليا ، يكون حينئذ من الشك في أصل الوجوب ، والمرجع البراءة ، بخلاف ما إذا كان فعليا فإنه يجب الإتيان به لا محالة.
ثالثها : وقوع الأمر بعد الحظر ـ كقوله تعالى : يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ... فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ ، أو بعد توهمه ، كما إذا سئل عن جواز الشيء فاجيب بالأمرية ـ لا