الثالث : مفهوم الغاية
البحث في الغاية من جهتين :
الاولى : في دخولها في المغيّا وعدمه ، والتحقيق أن لها معنيين : فتارة يراد بها آخر الشيء باعتبار وجوده المختص به ، كقولك : مساحة هذا الشيء ذراع. وهو داخل في المغيّا ، لأن كل شيء عبارة عن المحدود بحد خاص وشكل مخصوص.
واخرى يراد بها ما ينتهي عنده الشيء باعتبار الحكم لا باعتبار الموضوع ، كقوله تعالى : ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ. وحينئذ فيمكن أن يقال بانتزاع الغاية من أول جزء من الليل فتكون داخلة حينئذ ، أو انتزاعها من آخر جزء من النهار فتكون خارجة لا محالة ، ويختلف ذلك باختلاف الموارد ، والمتبع هو القرائن المعتبرة ومع عدمها فالمرجع هو الاستصحاب ، فتكون النتيجة دخولها في المغيا.
والمعروف بين أهل الأدب أن كلمة (حتى) و(إلى) تدلان على دخول الغاية في المغيّا ما لم تكن قرينة على الخلاف ، ولكن اعتبار كلامهم أول الدعوى إلا مع ثبوت ذلك في المحاورات المعتبرة.
الثانية : أنها هل تدل على ارتفاع الحكم عما بعد الغاية؟ والتحقيق أنها إن كانت قيدا للموضوع تكون من الوصف حينئذ ، وقد تقدم عدم المفهوم له. وإن كانت قيدا للحكم فتدل على ارتفاع الحكم عما بعد الغاية قهرا ، وإلا فلا تكون غاية وهو خلف ، مثل قوله عليهالسلام : «كلّ شيء طاهر حتّى تعلم أنّه قذر» ، وقوله عليهالسلام : «كلّ شيء حلال حتّى تعرف أنّه حرام» فلا وجه للطهارة والحلّية بعد العلم بالقذارة والحرمة. ويمكن أن يعد هذا من الدلالة المنطوقية لا المفهومية ، وإن شك في كونها قيدا للحكم أو للموضوع فالمرجع الاستصحاب مع تحقق شرائطه وإلّا فالبراءة ، فتخرج حينئذ عن الدلالة منطوقية كانت أو مفهومية.