الأمر الرابع :
المعروف أن موضوع كل علم ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية ، وأن العرض الذاتي ما ينتزع عن ذات الشيء ، كالزوجية بالنسبة إلى الأربعة ، أو ما لا يكون عروضه على المعروض بواسطة أمر أخص أو أعم.
فاشكل عليهم : بأن محمولات المسائل لا تنتزع عن ذات موضوع العلم غالبا ، مع أن جلّ مباحث علم الاصول ، يبحث عما يعرض الموضوع لأمر أعم بناء على أن موضوعه الأدلة الأربعة ، ولذا عدل المحققون منهم إلى أن المراد بالعرض الذاتي ما لا يصح سلبه عن الموضوع ، وإن كان العروض بواسطة بل بوسائط ، أي الوصف بحال الذات. وما صح سلبه عنه يكون عرضا غريبا وإن لم تكن في البين واسطة ، أي ما كان من الوصف بحال المتعلق ، ولا ريب في أن محمولات مسائل العلوم لا يصح سلبها عن موضوع العلم ، كما لا يخفي.
كما أنه لا ريب في أن نسبة موضوع العلم الى موضوعات المسائل نسبة الكلي إلى أفراده والطبيعي إلى مشخصاته.
ثم إنهم قالوا : إن تمايز العلوم بتمايز الموضوعات ، وتمايز الموضوعات بتمايز الحيثيات. فإن كان نظرهم إلى أن ذلك من أحد طرق التمييز فله وجه ، وإن كان نظرهم إلى الانحصار في ذلك ، فهو مردود ، لإمكان التمييز بالغرض ونحوه أيضا. وبذلك يمكن أن يجمع بين الكلمات.
الأمر الخامس :
قالوا : إن موضوع علم الاصول الأدلة الأربعة ، إما بوصف الحجية ، كما عن بعض ، أو بذواتها ، كما عن آخر.