الامر فيهما الى انقلاب موضوع الحكم بعد الاتيان بوظيفته الى موضوع آخر ، كما اذا صار الحاضر بعد التّمام مسافراً أو المسافر بعد القصر حاضراً على القول بايجاب الحالتين للحكمين واقعا اذا وجدا في جزء من الوقت كما هو المشهور ، أو المريض الآتي بوظيفته كما إذا قلنا بكفاية المرض في جزء من الوقت وتأثيره في وظيفته أو فرض امتداده الى اخر الوقت ، وهذا امر ظاهر لا سترة فيه اصلا ، ومن هنا جعلوا من ثمرات التّصويب ولوازمه الاجزاء كما عن ثانى الشّهيدين قدسسرهما ، حيث قال في محكى تمهيده (١) : ومن ثمرات التصويب والتخطئة عدم اعادة الصلاة بظنّ القبلة واعادتها في صورة تبيّن الخلاف ، انتهى ؛ ولا فرق في ما ذكرنا في حكم الصّورتين بين القسمين في جعل الامارة ، أى كون جعل الامارة على وجه الاطلاق أو على وجه الاشتراط والتّقييد كما هو ظاهر لا سترة فيه اصلا.
الثّالثة : ان لا يوجب قيام الامارة مصلحة في ما قام عليه اصلا حتى في ما قامت على خلاف حكم العالم ولا تؤثّر فيه شيئا ، فيكون الحكم الواقعي متحقّقا في حقّ الجاهل مطلقا حتّى في حقّ من قامت امارة عنده على خلاف الواقع كتحقّقه في حقّ العالم ، من حيث تعلّقه بموضوع لا بشرط ، وان كان الجاهل معذوراً في مخالفته اذا كان قاصراً أو قامت عنده امارة معتبرة على خلافه ، فيكون الاحكام الشّرعية بحسب وجودها التّشريعى نظير الموضوعات الخارجيّة بحسب وجودها التّكوينى في تحقّقها في حقّ العالم بها والجاهل بوجودها مطلقا حتّى في حقّ من قامت الامارة على عدم وجودها ، فيكون مدار جعلها على الطريقيّة لا السّببية المحضة ، الّا انّ الشّارع لاحظ مصلحة نوعيّة في جعلها في حقّ الجاهل ولو كانت تسهيل الامر على نوع المكلّفين ، من غير فرق بين زمانى الغيبة والحضور ، وتلك المصلحة التّسهيلية الملحوظة في اصل تشريع الحكم الظّاهرى في حقّ الجاهل ، من حيث إنّ في سلوك خصوص الطّرق العلميّة وتحصيل الواقع على سبيل القطع واليقين نوع كلفة في حقّه ، لا يوجب
__________________
(١) تمهيد القواعد ، القاعدة ١٠٠ ، ص ٣٢٢ ، والعبارة غير منقولة بالفاظها.