الحكم ، ولا يختلف باختلافها ، وتعلّقه بالحكم الشّرعى كتعلّقه بالعرفى والعادى ، وتعلّقه بموضوعات الأحكام ، فصفة العلم والجهل والنّسيان والذّكر والظّنّ والشّكّ والوهم لا تؤثّر في حكم المعلوم والمجهول ، والمنسىّ والمذكور ، والمظنون والمشكوك والموهوم شيئاً ، كما في الموضوعات وغير الشّرعى من الأحكام ، إلَّا إذا اقتضى الدّليل تبدّل الحكم بعروضها فيكون كسائر العناوين ، كما في الجاهل بالقصر والاتمام والجهر والاخفات ، والجاهل بكيفيّات العقود والايقاعات والأحكام من الكفّار وشبههم من طوائف الإسلام ، والنّاسى لغير الأركان في الصلاة ، والشّاكّ بعد تجاوز المحلّ ، وكثير الشّكّ ، وهكذا.
وأمّا ما لم يرد فيه نصّ بالخصوص فيبقى على القاعدة من أصل عدم الصّحّة ، وعلى ظاهر العمومات المقتضية للأحكام الواقعيّة في العبادات وشطورها وشروطها ومنافياتها ، والمعاملات كذلك ، فيكون بحكم الأعذار المانعة عن استحقاق العقاب ودخول النّار ، والأمر المتوجّه إليها ، والنّهى المتوجّه إلى تركها إنّما هو للقيام بالعبودية والدّخول تحت اسم الطّاعة ورفع التّجرّى ، والاجزاء المستفاد من الأمر الظّاهرى يتحقّق بحصولها ، ولا شكّ في ذلك بالنّسبة إلى النّاسى والجاهل بالموضوع غالباً ، والمقلّد مشافهة لمن زعم اجتهاده اشتباهاً ، فبان جاهلاً أو كافراً أو مخالفاً أو فاسقاً ، أو بالواسطة فبان كذلك ، أو بواسطة كتاب المجتهد ، فبان (١) كتاب غيره ، أو بان للمجتهد بطريق القطع بطلان رأيه وعدم قابليّة مأخذه من دون تقصير في الفحص عنها ، فإنّه لا شكّ في عدم مدخلية هذه الصّفات في انقلاب الحكم ، وإنّما هى صفات عذر يدفع بها العذاب ، وينال بها الأجر والثّواب.
وأمّا المجتهد بالأحكام الشّرعيّة فحاله كحال المجتهد في الأحكام العرفيّة والعادية ، وكحال العبيد إذا اجتهدوا في معرفة حكم ساداتهم ، وكلّ من تحت أمر مفترضى
__________________
(١) في المصدر : فظهر.