هو طلب القرب منه ، وقد أخبرنا الله تعالى أنه قريب ، فلا فائدة لهذا الطلب وخبره صدق ، ومن تحقق بالقرب الإلهي لا بد أن يسمع الإجابة الإلهية ذوقا ، فلا بد من علامة يعطيها الله لهذا المتحقق يعلم بها أنه قد أجاب دعاءه ، ومعلوم أنه أجاب دعاءه ، وإنما أريد أن يعلمه أن الذي سأل فيه قد قضي وإن تأخر وأعطي بدله على طريق العوض لما له في البدل من الخير ، وقد يكشف له عن خواص الأحوال والأزمنة والأمكنة التي توجب قضاء حاجة الداعي فيما سأل فيه ، ثم أخبر أنه يجيب سؤال السائلين ، فهو إخبار بأن بيده ملكوت كل شيء ، وأخبر بالإجابة ليتحفظ السائل ويراقب ما يسأل فيه ، لأنه لا بد من الإجابة ، فقد يسأل العبد فيما لا خير له فيه لجهله بالمصالح ، فهو تنبيه وتحذير أن لا يسأل إلا فيما يعلم أن له فيه الخير الوافر عند الله في الدنيا والآخرة ، فمن تنبه لهذا لم يسأل الله تعالى في حاجة من حوائج الدنيا على التعيين ، ولكن يسأل فيما له في خير يعلمه الله مبهما لا يعيّن ، فإذا عيّن ولا بد فليسأل فيه الخيرة وسلامة الدين ، فكم من سائل عيّن فلما قضيت حاجته لحكمة يعلمها الله أدركه الندم بعد ذلك على ما عيّن ، وتمنى أنه لم يعيّن ، وأما تعيينه في السؤال فيما يرجع إلى أمر الدين فليعين ما شاء ولا مكر فيه ولا غائلة ، وكذلك ما يسأل فيه مما يتعلق بالآخرة ، فإذا قيل ما سبب عدم الإجابة لأكثر الناس فيما يسألون فيه ربهم؟ فاعلم أن الله أخبر أنه يجيب دعوة الداع ، وما دعاؤه إياه إلا عين قوله حين يناديه باسم من أسمائه فيقول : يا الله أو يا رب أو رب أو ياذا المجد والكرم ، وما أشبه ذلك ، فالدعاء نداء وهو تأيه بالله ، فإجابة هذا القدر الذي هو الدعوة وبها سمي داعيا أن يلبيه الحق فيقول : لبيك ، فهذا لا بد منه من الله في حق كل سائل ، ثم ما يأتي بعد هذا النداء فهو خارج عن الدعاء ، وقد وقعت الإجابة كما قال ، فيوصل العبد بعد النداء من الحوائج ما قام في خاطره مما شاءه ، فلم يضمن في هذه الآية إجابته فيما سأل فيه ودعاه من أجله ، فهو إن شاء قضى حاجته وإن شاء لم يفعل ، ولهذا ما كل مسؤول فيه يقضيه الله لعبده ، وذلك رحمة به ، فإنه قد يسأل فيما لا خير له فيه ، فلو ضمن الإجابة في ذلك لوقع ويكون فيه هلاكه في دينه
____________________________________
سواه ، وهذا حال الاضطرار ، ومتى اختل هذا الشرط فما دعاه ، ثم قال كما أنهم إذا دعوني لحاجتهم أجيبهم (فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي) إذا دعوتهم إلى الإيمان بي وبملائكتي وكتبي ورسلي وما جاؤوا إليهم