السحر ـ طب ـ إذا استرخت الطبقة الصلبة التي في البصر حصل الضرر ، فالرخاوة غشاوة ، (وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) العذاب إنما سماه الله بهذا الاسم إيثارا للمؤمن ، فإنه يستعذب ما يقوم بأعداء الله من الآلام ، فهو عذاب بالنظر إلى هؤلاء ، ومن وجه آخر سمي عذابا ما يقع به الآلام بشرى من الله لعباده ، أن الذي تتألمون به لا بد إذا شملتكم الرحمة أن تستعذبوه وأنتم في النار ، كما يستعذب المقرور حرارة النار والمحرور برودة الزمهرير ، ولهذا جمعت جهنم النار والزمهرير لاختلاف المزاج ، فما يقع به الألم لمزاج مخصوص يقع به النعيم في مزاج آخر يضاده ، فلا تتعطل الحكمة ، ويبقي الله على أهل جهنم الزمهرير على المحرورين والنار على المقرورين فينعمون في جهنم ، فهم على مزاج لو دخلوا به الجنة تعذبوا بها لاعتدالها ، فسمى العذاب عذابا لأن المآل إلى استعذابه لمن قام به بعد شمول الرحمة ، كما يستحلي الجرب من يحكه ، فإذا حكه من غير جرب أو حاجة من يبوسة تطرأ على بعض بدنه تألم لحكه.
عناية ربي أدركت كل كائن |
|
من الناس في ختم القلوب وفي الطبع |
ومن أجل ذا لم يدخل الكبر قلبهم |
|
على موجد الصنع الذي جل من صنع |
ولولا وجود السمع في الناس ما اهتدوا |
|
وليس سوى علم الشريعة والوضع |
فكم بين أهل النقل والعقل يا فتى |
|
وهل تبلغ الألباب منزلة السمع |
____________________________________
تعالى : (أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) ، وقال هنا (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ) أي الذين قالوا (قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ) هو منّا ، ثم قال (وَعَلى سَمْعِهِمْ) أي وختم على سمعهم حين قالوا (وَفِي آذانِنا وَقْرٌ) أي هو منّا ، وقال تعالى (وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ) لقولهم : (وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ) أي هو منّا ثم قالوا : (فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ) فقال الله : (وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) وهو العمل الذي قالوه وطلبوه ، والختم الذي على السمع هو بينه وبين القلب ، لا بينه وبين الكلام ، فإنه سمع الكلام من الرسول بلا شك ، ولكن لجهله بما سمع أنه حق في نفس الأمر وعدم تصديقه ، كان عنده كمثل الصوت من الإنسان عند البهائم التي لا تعقل معناه ، وهو قوله تعالى : (كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَنِداءً ، صُمٌّ ، بُكْمٌ ، عُمْيٌ ، فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ) أن ذلك المصوّت به حق فيما يدعو إليه ، وكذلك قوله (وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ) وما جعله ختما ، أي حايل بينه وبين القلب أن يعلم القلب أن ذلك المبصر من المعجزات الموقوفة على إدراك البصر أنها حق ، مثل نبع الماء من بين أصابعه ، ورؤية الطعام القليل حين أشبع الكثير ، فإن العلم به لا يحصل إلا من جهة