(وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (٢٢٨)
القرء من ألفاظ الأضداد ، ينطلق على الحيض والطهر ... (وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) اعلم أن الإنسانية لما كانت حقيقة جامعة للرجل والمرأة ، لم يكن للرجال على النساء درجة
____________________________________
رفع الضرر عن المرأة ورعاية المصلحة لها ، فإن ورد حكم من الشارع يناقض هذه المصلحة في بعض ما في هذه المسألة من الأحكام وقفنا عنده في ذلك ، واعتبرنا المصلحة ورفع الضرر فيما عدا ذلك الوجه الذي ورد فيه الحكم ، ثم إن كان الإيلاء بيمين معتبرة في الشرع فسبيلها عندنا سبيل الأيمان ، فإن كان الإيلاء بيمين غير مشروعة ، فلا إيلاء فلا كفارة لو وقع الفيء منه ، وبقي الحكم ينسحب على العزم إلى آخر المدة ما لم يجامع ، فإذا انقضت المدة المشروعة وما فاء طلقت ولا عدة عليها إن كانت قد حاضت في تلك المدة ثلاث حيض ، وإن انتقص من ذلك شيء أتمته بعد الطلاق ، إذ كانت العدة مشروعة هنا لبراءة الرحم ، وهذه وجدت مع ما انضاف إلى ذلك من المصلحة المعتبرة في هذه المسألة ، فترجح هنا على من يرى أن العدة عبادة غير معللة ، فإن الإيلاء يشبه طلاق الرجعة ، والمدة في الإيلاء تشبه العدة في الطلاق الرجعي ، ويكون الطلاق بائنا بعد انقضاء المدة لما فيه من المصلحة للمرأة ، ووجود الضرر لو كان رجعيا ، لما يبقى له من الحكم عليها ، والعزم على الطلاق أن لا يفيء في تلك المدة ، فإن العازم على عدم الفيئة يحدث نفسه بالطلاق ، وإن أوقع الحديث فلا شك أن الله سميع حديثه في نفسه ، فهذا قوله : (وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع) بما يحدث به نفسه من ذلك (عَلِيمٌ) بما قصده ونواه من ذلك ، والحر والعبد في هذه المسألة في الحكم سواء ، وما من وجه ذهبنا إليه إلا وفيه خلاف بين العلماء ، والذي يتعلق بهذه الآية من الترجمة قوله : (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ) أي يحلفون (مِنْ نِسائِهِمْ) من أجل نسائهم أن لا يجامعوهن (تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) تنتظر به انقضاء هذه المدة (فَإِنْ فاؤُ) أي رجعوا إما في الأربعة أشهر أو عند انقضائها يحتمل فيه الوجهان (فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أي