ترخيصين مشروطين وكلّ منهما منوط بترك الآخر ، ومثل هذا لا يؤدّي إلى الترخيص في المخالفة القطعية ، ويعني ذلك ان المحذور يندفع برفع اليد عن إطلاق الأصل في كل طرف ، ولا يتوقّف دفعه على إلغاء الاصل رأسا ، ولا شك في ان رفع اليد عن شيء من مفاد الدليل لا يجوز إلّا لضرورة ، والضرورة تقدّر بقدرها فلما ذا لا نجري الأصل في كلّ من الطرفين ولكن مقيّدا بترك الآخر.
وقد أجيب على هذا الاعتراض بوجوه :
الأوّل : ما ذكره السيد الاستاذ (١) من انّ الجمع بين الترخيصين المشروطين المذكورين وإن كان لا يؤدّي إلى الترخيص في المخالفة القطعية ولكنّه يؤدّي إلى الترخيص القطعي في المخالفة الواقعية وذلك فيما إذا ترك الطرفين معا (٢) ، وهو مستحيل.
ويرد عليه : ان الحكم الظاهري في نفسه ليس مستحيلا (٣) وإنما
__________________
حرمة ارتكاب كلا الاناءين ، بمعنى إذا ارتكبت هذا الطرف فلا ترتكب الآخر وإذا لم ترتكب هذا الطرف فلك ان ترتكب الطرف الآخر لجريان قاعدة الحل فيما عدا مقدار الجامع.
(١) مصباح الاصول ج ٢ ص ٣٥٥.
(٢) فانه اذا ترك شرب كلا الإناءين فانهما سيحلّان له ، وهذا مستحيل لانه يعني الترخيص في المخالفة الواقعية ، (والظاهر) من هذه العبارة ان مراده ان يقول هكذا : ... في المخالفة القطعية مع عدم البناء على الترك ، ولكنّه يؤدي اليها مع البناء على تركهما.
(٣) أي ليس جريان الاصول المؤمّنة في كل اطراف العلم الإجمالي مستحيلا.