وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها أَثاثاً وَمَتاعاً إِلى حِينٍ (٨٠))
(وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ) ، قرأ الكسائي (بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ)(١) بكسر الهمزة.
وقرأ حمزة بكسر الميم والهمزة والباقون بضم الهمزة وفتح الميم ، (لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً) ، تم الكلام. ثم ابتدأ فقال جلّ وعلا ، (وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ) ، لأن الله تعالى جعل هذه الأشياء لهم قبل الخروج من بطون الأمهات وإنما أعطاهم العلم بعد الخروج ، (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) ، نعمه (٢).
(أَلَمْ يَرَوْا) ، قرأ ابن عامر وحمزة ويعقوب بالتاء والباقون بالياء لقوله : (وَيَعْبُدُونَ) [النحل : ٧٣]. (إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ) ، مذللات ، (فِي جَوِّ السَّماءِ) وهو الهويّ (٣) بين السماء والأرض ، روى كعب الأحبار أن الطير ترتفع (٤) اثني عشر ميلا ولا ترتفع (٥) فوق هذا وفوق الجو السكاك [وفوق السكاك](٦) السماء (ما يُمْسِكُهُنَ) في الهواء (إِلَّا اللهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ).
(وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ) التي هي من الحجر والمدر ، (سَكَناً) أي : مسكنا تسكنونه ، (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً) ، يعني الخيام والقباب والأخبية والفساطيط من الأنطاع والأدم ، (تَسْتَخِفُّونَها) أي : يخف عليكم حملها ، (يَوْمَ ظَعْنِكُمْ) ، رحلتكم في سفركم ، قرأ ابن عامر وأهل الكوفة ساكنة العين ، والآخرون بفتحها ، وهو أجزل اللغتين ، (وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ) ، في بلدكم لا تثقل عليكم في الحالين ، (وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها) ، يعني أصواف الضأن وأوبار الإبل وأشعار المعز ، والكنايات (٧) راجعة إلى الأنعام ، (أَثاثاً) ، قال ابن عباس : ما لا. قال مجاهد : متاعا. قال القتيبي : الأثاث المال جميعه من الإبل والغنم والعبيد والمتاع ، وقال غيره : هو متاع البيت من الفرش والأكسية ، (وَمَتاعاً) ، بلاغا ينتفعون بها ، (إِلى حِينٍ) يعني (٨) الموت. وقيل : إلى حين تبلى.
(وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ (٨١) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ
__________________
(١) زيد في المطبوع والمخطوط «وبيوت».
(٢) زيد في المطبوع وحده «كون السمع والأبصار والأفئدة قبل الخروج إذ يسمع الطفل ويبصر ولا يعلم ، وهذه الجوارح من غير هذه الصفات كالمعدوم كما قال فيمن لا يسمع الحق ولا يبصر العبر ولا يعقل الثواب (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ) لا يشكرون نعمة».
ـ وليست في المخطوطتين و ـ ط ؛ والظاهر أنهما مقحمة من أحد النساخ أو أحد من علّق على الكتاب ، ومما يدل على عدم ثبوتها ما جاء عقب الآية التي من سورة البقرة «لا يشكرون نعمه» وقد رجعت إلى سورة البقرة عند تلك الآية ، فرأيت المصنف قد فسرها هنا بغير هذا التفسير ، والله أعلم.
(٣) كذا في المطبوع والمخطوط ، وفي ـ ط ـ «الهواء».
(٤) في المطبوع «ترفع».
(٥) في المطبوع «ترفع».
(٦) زيادة عن المخطوط.
(٧) في المخطوط «الكناية».
(٨) زيد في المطبوع «إلى حين».