(إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) ، خطأ ما تضربون من الأمثال ، ثم ضرب [الله](١) مثلا للمؤمن والكافر ، فقال جل ذكره :
(ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ) ، هذا مثل الكافر رزقه الله ما لا فلم يقدم فيه خيرا ، (وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْراً) ، هذا مثل المؤمن أعطاه الله ما لا فعمل فيه بطاعة الله وأنفقه في رضاء الله سرا وجهرا فأثابه الله عليه الجنة.
(هَلْ يَسْتَوُونَ) ، ولم يقل هل يستويان لمكان (مَنْ) وهو اسم يصلح للواحد والاثنين والجمع ، وكذلك قوله : (وَلا يَسْتَطِيعُونَ) [الأعراف : ١٩٣] بالجمع لأجل (من) معناه هل يستوي هذا الفقير البخيل والغني السخي كذلك لا يستوي الكافر العاصي (٢) والمؤمن المطيع. وروى ابن جريج عن عطاء في قوله تعالى : (عَبْداً مَمْلُوكاً) ، أي : أبو جهل بن هشام. (وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً) أبو بكر الصديق رضي الله عنه. ثم قال : (الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) ، يقول ليس الأمر كما يقولون ، ما للأوثان عندهم من يد ولا معروف فتحمد عليه إنما الحمد الكامل لله عزوجل لأنه المنعم [المتفضل](٣) والخالق الرازق ، (ولكن أكثر [الناس]) : الكفار (لا يعلمون) ثم ضرب [الله](٤) مثلا للأصنام فقال :
(وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ) ، كلّ. ثقل ووبال على مولاه ابن عمه وأهل ولايته ، (أَيْنَما يُوَجِّهْهُ) ، يرسله ، (لا يَأْتِ بِخَيْرٍ) ، لأنه لا يفهم ما يقال له ولا يفهم عنه ، هذا مثل الأصنام لا تسمع ولا تنطق ولا تعقل ، (وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ) عابده يحتاج إلى أن يحمله ويضعه ويخدمه ، (هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ) ، يعني الله فإنه قادر متكلم يأمر بالتوحيد ، (وَهُوَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ، قال الكلبي : يعني يدلكم على صراط مستقيم. وقيل : هو رسول الله صلىاللهعليهوسلم يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم.
وقيل : كلا المثلين للمؤمن والكافر ، يرويه عطية عن ابن عباس.
وقال عطاء : الأبكم أبيّ بن خلف ومن يأمر بالعدل حمزة (٥) وعثمان بن مظعون. وقال مقاتل : نزلت في هاشم بن عمرو بن الحارث بن ربيعة القرشي ، وكان قليل الخير يعادي رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
وقيل : نزلت في عثمان بن عفان ومولاه كان عثمان ينفق عليه وكان مولاه يكره الإسلام (٦).
(وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما أَمْرُ السَّاعَةِ) ، في قرب كونها ، (إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ) ، إذا قال له : كن فيكون ، (أَوْ هُوَ أَقْرَبُ) ، بل هو أقرب ، (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ، نزلت في الكفار الذين يستعجلون القيامة استهزاء.
(وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٧٨) أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ اللهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٧٩)
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) تصحف في المطبوع «العامي».
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) زيد في المطبوع و ـ ط «عثمان بن عفان».
(٦) الصواب عموم الآية في كل من يتصف بذلك.