وجلّ فهل منكم أحد يشركه مملوكه في زوجته وفراشه وماله أفتعدلون بالله خلقه وعباده ، (أَفَبِنِعْمَةِ اللهِ يَجْحَدُونَ) ، بالإشراك به ، وقرأ أبو بكر بالتاء لقوله : (وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ) ، والآخرون بالياء لقوله : (فَهُمْ فِيهِ سَواءٌ).
(وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللهِ هُمْ يَكْفُرُونَ (٧٢) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ شَيْئاً وَلا يَسْتَطِيعُونَ (٧٣))
قوله تعالى : (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً) ، يعني : النساء خلق من آدم زوجته حواء ، وقيل : من أنفسكم أي : من جنسكم أزواجا ، (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً) ، قال ابن مسعود والنخعي : الحفدة أختان الرجل على بناته ، وعن ابن مسعود أيضا أنهم الأصهار ، فيكون معنى الآية على هذا القول : وجعل لكم من أزواجكم بنين وبنات تزوجونهم فيحصل بسببهم الأختان والأصهار. وقال عكرمة والحسن والضحاك : هم الخدم. قال مجاهد : هم الأعوان من أعانك فقد حفدك. وقال عطاء : هم ولد ولد الرجل الذين يعينونه ويخدمونه. وقال قتادة : مهنة تمتهنونهم ويخدمونكم من أولادكم. وقال الكلبي ومقاتل : البنين الصغار والحفدة كبار الأولاد (١) الذين يعينونه على عمله. وروى مجاهد وسعيد بن جبير عن ابن عباس : أنهم ولد الولد. وروى العوفي عنه : أنهم [بنو](٢) امرأة الرجل ليسوا منه (وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) ، من النعم الحلال ، (أَفَبِالْباطِلِ) ، يعني الأصنام ، (يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللهِ هُمْ يَكْفُرُونَ) ، يعني التوحيد والإسلام ، وقيل : الباطل الشيطان أمرهم بتحريم البحيرة والسائبة ، وبنعمة الله أي بما أحل الله لهم يكفرون ، يجحدون تحليله.
(وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ) ، يعني المطر ، (وَالْأَرْضِ) ، يعني النبات ، (شَيْئاً) ، قال الأخفش : هو بدل من الرزق معناه أنهم لا يملكون من أمر الرزق شيئا قليلا ولا كثيرا. وقال الفراء : نصب شيئا بوقوع الرزق عليه أي لا يرزق شيئا ، (وَلا يَسْتَطِيعُونَ) ، ولا يقدرون على شيء ، يذكر (٣) عجز الأصنام عن إيصال نفع أو دفع ضر.
(فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٧٤) ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٧٥) وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ أَيْنَما يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٧٦) وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٧٧))
(فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ) ، يعني الأشباه فتشبهونه بخلقه وتجعلون له شركاء (٤) فإنه واحد لا مثل له ،
__________________
(١) في المخطوط «الكبار».
(٢) سقط من المطبوع.
(٣) في المطبوع «بذكر».
(٤) في المطبوع و ـ ط «شريكا».