قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللهِ) ، يعني قرءوا القرآن ، (وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ) ، لن تفسد ولن تهلك ، والمرادة من التجارة ما وعد الله من الثواب ، قال الفراء : قوله يرجون جواب لقوله : (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللهِ).
(لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ) ، جزاء أعمالهم بالثواب ، (وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) ، قال ابن عباس : يعني سوى الثواب مما لم تر عين ولم تسمع أذن ، (إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ) ، قال ابن عباس : يغفر العظيم من ذنوبهم ويشكر اليسير من أعمالهم.
(وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ) ، يعني القرآن ، (هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) ، من الكتب ، (إِنَّ اللهَ بِعِبادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ).
(ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ) ، يعني الكتاب الذي أنزلنا إليك الذي ذكر في الآية الأولى وهو القرآن جعلناه ينتهي إلى ، (الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) ، ويجوز أن تكون «ثم» بمعنى الواو ، أي وأورثنا ، كقوله : (ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا) [البلد : ١٧] ، أي وكان من الذين آمنوا ، ومعنى أورثنا أعطينا لأن الميراث عطاء ، قاله مجاهد وقيل : «أورثنا» أي أخزنا ، ومنه الميراث لأنه أخّر عن الميت ، ومعناه أخرنا القرآن عن الأمم السالفة وأعطيناكموه ، وأهلنا له [الذين اصطفينا من عبادنا ، قال ابن عباس : يريد أمة محمد صلىاللهعليهوسلم ، ثم قسمهم ورتبهم فقال](١) : (فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ).
[١٧٧١] روي عن أسامة بن زيد في قوله عزوجل : (فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ) ، الآية قال : قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «كلهم من هذه الأمة».
[١٧٧٢] أخبرنا أبو سعيد الشريحي أنا أبو إسحاق الثعلبي أخبرني [أبو](٢) الحسين بن محمد بن فنجويه أنا محمد بن علي بن الحسين بن القاضي أنا بكر بن محمد المروزي أنا أبو قلابة [ثنا](٣) عمرو بن الحصين عن الفضل بن عميرة عن ميمون الكردي عن أبي عثمان النهدي قال : سمعت عمر بن الخطاب قرأ على المنبر : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) ، الآية ، فقال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «سابقنا سابق ، ومقتصدنا ناج ، وظالمنا مغفور له» ، قال أبو قلابة : فحدثت به يحيى بن معين فجعل يتعجب منه.
واختلف المفسرون في معنى الظالم والمقتصد والسابق.
__________________
[١٧٧١] ـ أخرجه الواحدي في «الوسيط» ٣ / ٥٠٥ والبيهقي في «البعث» ٦٤ والطبراني في «الكبير» ٤١٠ من حديث أسامة بن زيد ، وإسناده ضعيف ، لضعف محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، لكن يصلح للاعتبار بحديثه ، وانظر ما بعده.
[١٧٧٢] ـ إسناده ضعيف جدا ، عمرو بن الحصين متروك الحديث ، وتوبع من وجه آخر عند البيهقي ؛ لكنه منقطع ، ولأصل الحديث شواهد منها حديث أبي الدرداء الآتي.
ـ أبو قلابة هو عبد الملك بن محمد.
ـ وأخرجه العقيلي في «الضعفاء» ١٤٩١ من طريق محمد بن أيوب عن عمرو بن الحصين بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه البيهقي في «البعث» ٦٥ من طريق حفص بن خالد عن ميمون بن سياه عن عمر به.
وقال البيهقي : فيه إرسال بين ميمون ، وعمر.
(١) سقط من المخطوط.
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) سقط من المطبوع.