قتادة : الباطل هو إبليس [أي ما يخلق إبليس أحدا ابتداء ولا يبعث]. وهو قول مقاتل والكلبي ، وقيل : الباطل الأصنام.
(قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ
فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي
إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ (٥٠) وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا
مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ (٥١) وَقالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ
مَكانٍ بَعِيدٍ (٥٢) وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ
مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ (٥٣) وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ كَما فُعِلَ
بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ (٥٤))
(قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ
فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي) ، وذلك أن كفار مكة [كانوا] يقولون له : إنك قد ضللت حين تركت دين آبائك ، قال الله
تعالى : (قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ
فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي) أي ، إثم ضلالتي على نفسي ، (وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي
إِلَيَّ رَبِّي) ، من القرآن والحكمة ، (إِنَّهُ سَمِيعٌ
قَرِيبٌ).
(وَلَوْ تَرى إِذْ
فَزِعُوا) ، قال قتادة عند البعث حين يخرجون من قبورهم ، (فَلا فَوْتَ) ، أي فلا يفوتونني كما قال : (وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) [ص : ٣] ، وقيل : إذ فزعوا [عند الموت] فلا فوت ولا نجاة ، (وَأُخِذُوا مِنْ
مَكانٍ قَرِيبٍ) ، قال الكلبي من تحت أقدامهم ، وقيل : أخذوا من بطن
الأرض إلى ظهرها ، وحيثما كانوا فهم من الله قريب ، لا يفوتونه. وقيل : من مكان قريب يعني عذاب الدنيا. وقال الضحاك : يوم بدر. وقال
ابن أبزى خسف بالبيداء ، وفي الآية حذف تقديره : ولو ترى إذ
فزعوا لرأيت أمرا تعتبر به.
(وَقالُوا آمَنَّا
بِهِ) ، حين عاينوا العذاب ، وقيل : عند اليأس. وقيل : عند
البعث. (وَأَنَّى) ، من أين ، (لَهُمُ التَّناوُشُ) ، قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وأبو بكر : التناوش
بالمد والهمز ، وقرأ الآخرون بواو صافية من غير مدّ ولا همز ، ومعناه التناول أي
كيف لهم تناول ما بعد عنهم ، وهو الإيمان والتوبة ، وقد كان قريبا في الدنيا
فضيعوه ، ومن همز قيل : معناه هذا أيضا.
وقيل : التناوش
بالهمز من النبش وهو حركة في إبطاء ، يقال : جاء نبشا أي مبطئا متأخرا ، والمعنى
من أين لهم الحركة فيما لا حيلة لهم فيه ، وعن ابن عباس قال : يسألون الرد إلى
الدنيا فيقال وأنى لهم الرد إلى الدنيا ، (مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) ، أي من الآخرة إلى الدنيا.
(وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ
مِنْ قَبْلُ) ، أي بالقرآن ، وقيل : بمحمد صلىاللهعليهوسلم ، من قبل أن يعاينوا العذاب وأهوال القيامة ، (وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ
بَعِيدٍ) ، قال مجاهد : يرمون محمدا بالظن لا باليقين ، وهو قولهم
ساحر وشاعر وكاهن ، ومعنى الغيب : هو الظن لأنه غاب علمه عنهم ، والمكان البعيد
بعدهم عن علم ما يقولون ، والمعنى يرمون محمدا بما لا يعلمون من حيث لا يعلمون.
وقال قتادة : يرجمون بالظن يقولون لا بعث ولا جنة ولا نار.
(وَحِيلَ بَيْنَهُمْ
وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ) ، أي الإيمان والتوبة والرجوع إلى الدنيا. وقيل : نعيم
الدنيا وزهرتها ، (كَما فُعِلَ
بِأَشْياعِهِمْ) ، يعني بنظرائهم ومن كان على مثل حالهم من الكفار ، (مِنْ قَبْلُ) ، أي لم يقبل منهم
__________________