حميد بن زنجويه أنا أبو الربيع أنا عبد الحميد بن الحسن الهلالي أنا محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «كل معروف صدقة وكل ما أنفق الرجل على نفسه وأهله كتب له صدقة ، وما وفى به الرجل عرضه كتب له بها صدقة» ، قلت (١) : ما يعني [ما](٢) وفي به عرضه؟ قال : «ما أعطى الشاعر وذا اللسان المتّقى ، وما أنفق المؤمن من نفقة فعلى الله خلقها ضامنا إلّا ما كان من نفقة في بنيان أو في معصية الله عزوجل».
قوله : «قلت ما يعني» يقول عبد الحميد لمحمد بن المنكدر.
قال مجاهد : إذا كان في يد أحدكم شيء فليقتصد ، ولا يتأول هذه الآية. (وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ) [سبأ : ٣٩] ، فإن الرزق مقسوم لعلّ رزقه قليل ، وهو ينفق نفقة الموسع عليه. ومعنى الآية : وما كان من خلف فهو منه.
(وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ (٤٠) قالُوا سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ (٤١) فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعاً وَلا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ (٤٢) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالُوا ما هذا إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ وَقالُوا ما هذا إِلاَّ إِفْكٌ مُفْتَرىً وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (٤٣) وَما آتَيْناهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَها وَما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (٤٤))
قوله تعالى : (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ) ، قرأ يعقوب وحفص «يحشرهم» ، ويقول بالياء فيهما ، وقرأ الآخرون بالنون ، (جَمِيعاً) يعني هؤلاء الكفار ، (ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ) ، في الدنيا ، قال قتادة : هذا استفهام تقرير ، كقوله تعالى لعيسى : (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ) [المائدة : ١١٦] ، فتتبرأ منهم الملائكة.
(قالُوا سُبْحانَكَ) ، تنزيها لك ، (أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ) ، أي نحن نتولاك ولا نتولاهم ، (بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَ) ، يعني الشياطين ، فإن قيل هم (٣) كانوا يعبدون الملائكة فكيف وجه قوله : (يَعْبُدُونَ الْجِنَ) ، قيل : أراد الشياطين زينوا لهم عبادة الملائكة ، [فهم كانوا يطيعون الشياطين في عبادة الملائكة](٤) ، فقوله : (يَعْبُدُونَ) أي يطيعون الجن ، (أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ) ، يعني مصدقون للشياطين.
__________________
ـ أبو الربيع هو سليمان بن داود الزهراني.
ـ وهو في «شرح السنة» ١٦٤٠ بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه الطيالسي ٢٠٤٥ والدار قطني ٣ / ٢٨ والحاكم ٢ / ٥٠ من طريق عبد الحميد به ، وصححه الحاكم ، وتعقبه الذهبي بقوله : عبد الحميد ضعفوه.
ـ وأخرجه أبو يعلى ٢٠٤٠ من طريق آخر عن المسور بن الصلت عن ابن المنكدر به وإسناده واه لأجل المسور ، ولأكثر هذا الحديث شواهد ، والفقرة الأولى منه عند البخاري ٦٠٢١.
(١) القائل هو عبد الحميد يسأل محمد بن المنكدر.
(٢) سقط من المطبوع.
(٣) في المطبوع «لهم».
(٤) زيد في المطبوع.