شك وضعف اعتقاد ، (ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً) ، وهو قول أهل النفاق : يعدنا محمد فتح قصور الشام وفارس وأحدنا لا يستطيع أن يجاوز رحله ، هذا والله الغرور.
(وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ) ، أي من المنافقين وهم أوس بن قيظي وأصحابه ، (يا أَهْلَ يَثْرِبَ) ، يعني المدينة ، قال أبو عبيدة : يثرب [اسم أرض](١) مدينة الرسول صلىاللهعليهوسلم في ناحية منها ، وفي بعض الأخبار :
[١٦٨٩] أن النبي صلىاللهعليهوسلم نهى أن تسمى المدينة يثرب ، وقال : «هي طابة» ، كأنه كره [هذه اللفظة](٢) (لا مُقامَ لَكُمْ) ، قرأ العامة بفتح الميم أي لا مكان لكم تنزلون وتقيمون فيه ، وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي وحفص بضم الميم أي لا إقامة لكم ، (فَارْجِعُوا) إلى منازلكم عن اتباع محمد صلىاللهعليهوسلم ، وقيل : عن القتال إلى مساكنكم ، (وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَ) ، وهم بنو حارثة وبنو سلمة ، (يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ) ، أي خالية ضائعة ، وهو مما يلي العدو ونخشى عليها السرّاق ، وقرأ أبو رجاء العطاردي «عورة» بكسر الواو ، أي قصيرة الجدران يسهل دخول السراق إليها (٣) ، فكذبهم الله فقال : (وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً) ، أي ما يريدون إلا الفرار.
(وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ) أي لو دخل عليهم المدينة [يعني](٤) هؤلاء الجيوش الذين يريدون قتالهم وهم الأحزاب ، (مِنْ أَقْطارِها) ، جوانبها ونواحيها جمع قطر ، (ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ) ، أي الشرك ، (لَآتَوْها) ، لأعطوها ، وقرأ أهل الحجاز لأتوها مقصورا ، أي لجاءوها وفعلوها ورجعوا عن الإسلام ، (وَما تَلَبَّثُوا بِها) ، أي ما احتبسوا عن الفتنة ، (إِلَّا يَسِيراً) ، ولأسرعوا الإجابة إلى الشرك طيّبة به أنفسهم ، هذا قول أكثر المفسرين. وقال الحسن (٥) : وما أقاموا بالمدينة بعد إعطاء الكفر إلا قليلا حتى يهلكوا.
__________________
[١٦٨٩] ـ أخرجه أحمد ٤ / ٢٨٥ وأبو يعلى ١٦٨٨ وعمر بن شبّة في «تاريخ المدينة» ١ / ١٦٥ من طريقين عن صالح بن عمر عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من قال للمدينة يثرب فليستغفر الله عزوجل ، هي طابة ، هي طابة».
وفي إسناده يزيد بن أبي زياد ، وهو ضعيف.
ـ ولتسمية النبي صلىاللهعليهوسلم للمدينة «طابة» شاهد عند مسلم ١٣٨٥ وأبو يعلى ٧٤٤٤ وأحمد ٥ / ٨٩ و ٩٤ و ٩٦ وابن حبان ٣٧٢٦ من حديث جابر بن سمرة قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إن الله تعالى سمّى المدينة طابة».
ـ وأخرج البخاري ١٨٧١ ومسلم ١٣٨٢ وأحمد ٢ / ٢٣٧ وابن حبان ٣٧٢٣ من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أمرت بقرية تأكل القرى ، يقولون يثرب ، وهي المدينة ، تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد».
ـ قال النووي في «شرح صحيح مسلم» ٩ / ١٥٤ : إن بعض الناس من المنافقين وغيرهم يسمونها يثرب ، وإنما اسمها المدينة وطابة ، وطيبة ، ففي هذا كراهة تسميتها يثرب.
وأما تسميتها في القرآن يثرب ، فإنما هو حكاية عن قول المنافقين ، والذين في قلوبهم مرض ا ه.
(١) ما بين الحاصرتين في المطبوع «وقال : هي».
(٢) في المطبوع «هذا اللفظ».
(٣) في المطبوع «عليها».
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) زيد في المطبوع «والفراء».