(وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (١٣) وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (١٤) وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٥))
(وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ) ، واسمه أنعم ويقال مشكم ، (وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) ، وقرأ ابن كثير : «يا بني لا تشرك بالله» بإسكان الياء ، وفتحها حفص ، والباقون بالكسر ، «يا بني إنها» بفتح الياء حفص ، والباقون بالكسر ، (يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ) [لقمان : ١٧] بفتح الياء البزي عن ابن كثير وحفص ، وبإسكانها القواس ، والباقون بكسرها.
(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ) ، قال ابن عباس : شدة بعد شدة. وقال الضحاك : ضعفا على ضعف. وقال مجاهد : مشقة على مشقة. وقال الزجاج : المرأة إذا حملت توالى عليها الضعف والمشقة. ويقال : الحمل ضعف ، والطلق ضعف والوضع ضعف. (وَفِصالُهُ) ، أي فطامه ، (فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) ، المرجع ، قال سفيان بن عيينة في هذه الآية : من صلى الصلوات الخمس فقد شكر الله ، ومن دعا للوالدين في أدبار الصلوات الخمس فقد شكر الوالدين.
(وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً) ، أي بالمعروف ، وهو البر والصلة والعشرة الجميلة ، (وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَ) ، أي دين من أقبل إلى طاعتي وهو النبي صلىاللهعليهوسلم وأصحابه.
قال عطاء عن ابن عباس : يريد أبا بكر وذلك أنه حين أسلم أتاه عثمان وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف ، فقالوا له : قد صدّقت هذا الرجل وآمنت به؟ قال : نعم هو صادق فآمنوا به ثم حملهم إلى النبي صلىاللهعليهوسلم حتى أسلموا فهؤلاء لهم سابقة الإسلام أسلموا بإرشاد أبي بكر ، قال الله تعالى : (وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَ) ، يعني أبا بكر ، (ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ، وقيل : نزلت هاتان الآيتان في سعد بن أبي وقاص وأمه ، وقد مضت القصة وقيل : الآية عامة في حق كافة الناس.
(يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (١٦) يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (١٧) وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ (١٨))
(يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ) الكناية في قوله : (إِنَّها) راجعة إلى الخطيئة ، وذلك أن ابن لقمان قال لأبيه : يا أبت إن عملت الخطيئة حيث لا يراني أحد كيف يعلمها الله؟ فقال : (يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ) ، قال قتادة تكن في جبل. وقال ابن عباس : هي (١) صخرة تحت الأرضين السبع وهي التي يكتب فيها أعمال الفجار وخضرة السماء منها.
__________________
(١) في المطبوع «في».