(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ (٨) خالِدِينَ فِيها وَعْدَ اللهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٩) خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ) ، حسن.
(هذا) ، يعني الذي ذكرت مما تعاينون ، (خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ) ، من آلهتكم التي تعبدونها ، (بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ).
قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ) ، يعني العقل والعلم والعمل به والإصابة في الأمور ، وقال محمد بن إسحاق ، وهو لقمان بن ناعور بن ناحور بن تارخ وهو آزر. وقال وهب : إنه كان ابن أخت أيوب وقال مقاتل ذكر أنه كان ابن خالة أيوب.
قال الواقدي : كان قاضيا في بني إسرائيل. واتفق العلماء على أنه كان حكيما ولم يكن نبيا إلا عكرمة فإنه قال كان لقمان نبيا وتفرد بهذا القول. وقال بعضهم : خيّر لقمان بين النبوة والحكمة فاختار الحكمة.
[١٦٥٢] وروي : أنه كان نائما نصف النهار فنودي يا لقمان هل لك أن يجعلك الله خليفة في الأرض لتحكم بين الناس بالحق فأجاب الصوت فقال : إن خيرني ربي [بين العافية والبلاء](١) قبلت العافية ولم أقبل البلاء ، وإن عزم عليّ فسمعا وطاعة فإني أعلم إن فعل ذلك بي أعانني وعصمني ، فقالت الملائكة بصوت لا يراهم : لم يا لقمان؟ قال : لأن الحاكم بأشد المنازل وأكدرها يغشاه الظلم من كل مكان أن يعن [فيخذل أو يعان](٢) فبالأحرى أن ينجو وإن أخطأ أخطأ طريق الجنة ، ومن يكن في الدنيا ذليلا خير من أن يكون شريفا ، ومن يختر الدنيا على الآخرة تفتنه الدنيا ولا يصيب الآخرة ، فعجبت الملائكة من حسن منطقه ، فنام نومة فأعطي الحكمة فانتبه وهو يتكلم بها ، ثم نودي داود بعده فقبلها ولم يشترط ما اشترطه لقمان ، فهوى في الخطيئة غير مرة كل ذلك يعفو [الله](٣) عنه ، وكان لقمان يؤازره بحكمته.
وعن خالد الربعي قال : كان لقمان عبدا حبشيا نجارا. وقال سعيد بن المسيب : كان خياطا. وقيل : كان راعي غنم.
فروي أنه لقيه رجل وهو يتكلم بالحكمة فقال : ألست فلانا الراعي [قال : نعم قال](٤) : فبم بلغت ما بلغت؟ قال : بصدق الحديث وأداء الأمانة وترك ما لا يعنيني. وقال مجاهد : كان عبدا أسود عظيم الشفتين مشقق القدمين. قوله عزوجل : (أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ).
__________________
[١٦٥٢] ـ واه بمرة ، أخرجه الحكيم الترمذي في «نوادر الأصول» كما في «الدر» ٥ / ٣١١ عن أبي مسلم الخولاني قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ... فذكره.
وهذا مرسل ، ولم أقف على إسناده إلى أبي مسلم ، وتفرد الحكيم به دليل وهنه لأنه يروي عن متروكين ، والمتن شبه موضوع ، والأشبه أنه من كلام أبي مسلم ، وأنه مما تلقاه عن أهل الكتاب.
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيادة عن «الدر المنثور» ٥ / ٣١١.
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) زيادة عن المخطوط.