[١٦٤٨] قوله صلىاللهعليهوسلم : «يقول الله تعالى إني خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين عن دينهم».
ويحكى [معنى](١) هذا عن الأوزاعي وحماد بن سلمة وحكي عن عبد الله بن المبارك أنه قال : معنى الحديث إن كل مولود يولد على فطرته أي على خلقته التي جبل عليها في علم الله تعالى من السعادة والشقاوة فكل منهم صائر في العاقبة إلى ما فطر عليها [وعامل](٢) في الدنيا بالعمل المشاكل لها فنم أمارات الشقاوة للطفل أن يولد بين يهوديين أو نصرانيين فيحملانه لشقائه على اعتقاد دينهما ، وقيل : معناه أن كل مولود يولد في مبدإ الخلقة على الفطرة أي على الجبلة السليمة والطبع المتهيّئ لقبول الدين فلو ترك عليها لاستمر على لزومها لأن هذا الدين موجد حسنه في العقول وإنما (٣) يعدل عنه من يعدل إلى غيره لآفة النشوء والتقليد فلو سلم من تلك الآفات لم يعتقد غيره ، ثم يتمثل بأولاد اليهود والنصارى واتباعهم لآبائهم والميل إلى أديانهم فيزلون بذلك عن الفطرة السليمة والحجة المستقيمة ، ذكر أبو سليمان الخطابي هذه المعاني في كتابه. قوله : (لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ) فنم حمل الفطرة على الدين قال معناه لا تبديل لدين الله فهو خبر بمعنى النهي أي لا تبدلوا دين الله ، قاله (٤) مجاهد وإبراهيم ، ومعنى الآية الزموا فطرة الله أي دين الله واتبعوا ولا تبدلوا التوحيد بالشرك ، (ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) ، المستقيم ، (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) ، وقيل لا تبديل لخلق الله أي ما جبل عليه الإنسان من السعادة والشقوة لا يبدل فلا يصير السعيد شقيا ولا الشقي سعيدا. وقال عكرمة ومجاهد : معناه تحريم إخصاء البهائم.
(مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٣١) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٣٢) وَإِذا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا أَذاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (٣٣))
(مُنِيبِينَ) أي فأقم وجهك أنت وأمتك منيبين إليه لأن المخاطبة للنبي صلىاللهعليهوسلم ويدخل معه فيها الأمة كما قال : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ) [الطلاق : ١] ، (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ،) أي راجعين إليه بالتوبة مقبلين إليه بالطاعة ، (وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ).
(مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً) أي صاروا فرقا مختلفة وهم اليهود والنصارى. وقيل : هم أهل البدع من هذه الأمة ، (كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) ، أي راضون بما عندهم.
قوله تعالى : (وَإِذا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ) ، قحط وشدة ، (دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ،) مقبلين إليه بالدعاء ، (ثُمَّ إِذا أَذاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً) ، خصبا ونعمة ، (إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ).
(لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٤) أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ (٣٥)
__________________
[١٦٤٨] ـ هو بعض حديث عياض بن حمار ، وقد تقدم في تفسير سورة الشعراء عند آية : ٢١٤.
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) تصحف في المطبوع «وإنها».
(٤) تصحف في المطبوع «قال».