إن الذي سمك السماء بنى لنا |
|
بيتا دعائمه أعز وأطول |
أي عزيزة طويلة. وقال مجاهد وعكرمة : وهو أهون عليه أي أيسر ووجهه أنه على طريق ضرب المثل أي هو أهون عليه على ما يقع في عقولكم ، فإن الذي يقع في عقول الناس أن الإعادة تكون أهون من الإنشاء ، [أي الابتداء](١) ، وقيل : هو أهون عليه عندكم. وقيل : هو أهون عليه أي على الخلق يقومون بصيحة واحدة فيكون أهون عليهم من أن يكونوا نطفا ثم علقا ثم مضغا إلي أن يصيروا رجالا ونساء ، وهذا معين رواية ابن حيان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ، (وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى) ، أي الصفة العليا (فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ، قال ابن عباس : هي أنه ليس كمثله شيء ، وقال قتادة هي أنه لا إله إلا الله (٢) (وَهُوَ الْعَزِيزُ) ، في ملكه ، (الْحَكِيمُ) ، في خلقه.
(ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٢٨) بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْواءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللهُ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٢٩) فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٣٠))
(ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ) ، أي بين لكم شبها بحالكم ، وذلك المثل من أنفسك ثم بيّن المثل فقال : (هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) أي عبيدكم وإمائكم ، (مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ) ، من المال ، (فَأَنْتُمْ) ، وهم ، (فِيهِ سَواءٌ ،) أي [فيما](٣) شرع [سواء](٤) أي هل يشارككم عبيدكم في أموالكم التي أعطيناكم ، (تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ) ، أي تخافون أن يشاركوكم في أموالكم ويقاسموكم كما يخاف الحرّ شريكه الحرّ في المال يكون بينهما أن ينفرد فيه بأمر دونه وكما يخاف الرجل شريكه في الميراث ، وهو يحب أن ينفرد به.
قال ابن عباس : تخافونهم أن يرثوكم كما يرث بعضكم بعضا فإذا لم (٥) تخافوا هذا من مماليككم (٦) ولم ترضوا ذلك لأنفسكم فكيف رضيتم أن تكون آلهتكم التي تعبدونها شركائي وهم عبيدي ، ومعنى قوله : (أَنْفُسِكُمْ) أي أمثالكم من الأحرار كقوله : (ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً) [النور : ١٢] أي بأمثالهم ، (كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) ، ينظرون إلى هذه الدلائل بعقولهم.
(بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا) ، أشركوا بالله ، (أَهْواءَهُمْ) ، في الشرك ، (بِغَيْرِ عِلْمٍ) ، جهلا بما يجب عليهم ، (فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللهُ ،) أي أضله الله ، (وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) ، ما نعين يمنعونهم من عذاب الله عزوجل.
قوله تعالى : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ) ، أي أخلص دينك لله ، قاله سعيد بن جبير ، وإقامة الوجه وإقامة
__________________
(١) زيد في المطبوع.
(٢) في المطبوع «هو».
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) كذا في المخطوطتين والنسخ ، وفي العبارة نظر ، ولعل الصواب «فإذا كنتم ...».
(٦) تصحف في المطبوع «ماليككم».