(وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ) [الجن : ٩] الآية؟ قال : غلظت (١) وشدد أمرها حين (٢) بعث محمد صلىاللهعليهوسلم.
وقال ابن قتيبة : إن الرجم كان قبل مبعثه ولكن لم يكن في شدة الحراسة (٣) بعد مبعثه. وقيل : إن النجم ينقض فيرمي الشياطين ثم يعود إلى مكانه والله أعلم.
قوله تعالى : (وَالْأَرْضَ مَدَدْناها) ، بسطناها على وجه الماء ، يقال : إنها مسيرة خمسمائة عام (٤) في مثلها دحيت من تحت الكعبة. (وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ) ، جبالا ثوابت ، وقد كانت الأرض تميد إلى أن أرساها الله بالجبال ، (وَأَنْبَتْنا فِيها) ، أي : (٥) الأرض ، (مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ) ، بقدر معلوم.
وقيل : يعني الجبال وهي جواهرها (٦) من الذهب والفضة والحديد والنحاس وغيرها ، حتى (٧) الزرنيخ والكحل كل ذلك يوزن وزنا. وقال ابن زيد : هي الأشياء التي توزن (٨).
(وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ) ، جمع معيشة ، قيل : أراد بها المطاعم والمشارب والملابس. وقيل : ما يعيش به الآدمي في الدنيا ، (وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ) ، [أي : جعلنا فيها معايش من لستم له برازقين](٩) من الدواب والأنعام ، أي : جعلناها (١٠) لكم وكفيناكم رزقها و (مَنْ) في الآية بمعنى ما ، كقوله تعالى : (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ) [النور : ٤٥] ، وقيل : من في موضعها لأنه أراد المماليك مع الدواب. وقيل : من في محل الخفض عطفا على الكاف والميم في لكم.
(وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ) ، أي : وما من شيء ، (إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ) ، أي مفاتيح خزائنه. وقيل : أراد به (١١) المطر ، (وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) ، لكل أرض حد مقدر ، ويقال : ما تنزل من السماء قطرة إلا ومعها ملك يسوقها [إلى](١٢) حيث يريد الله عزوجل ويشاء ، وعن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال : في العرش مثال جميع ما خلق الله في البرّ والبحر ، وهو تأويل قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ).
(وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ) أي : حوامل لأنها تحمل الماء إلى السحاب ، وهو جمع لاقحة ، يقال : ناقة لاقحة إذا حملت الولد. قال ابن مسعود : يرسل الله الريح فتحمل الماء فتمري (١٣) به السحاب فتدر كما تدر اللقحة ثم تمطر. وقال أبو عبيدة : أراد باللواقح الملاقح واحدتها ملقحة ، لأنها تلقح الأشجار ، قال عبيد بن عمير : يبعث الله الريح المبشرة فتقم الأرض قما ثم يبعث الله المثيرة فتثير السحاب ثم يبعث الله المؤلفة فتؤلف السحاب بعضه إلى بعض فتجعله ركاما ، ثم يبعث اللواقح فتلقح الشجر. وقال أبو بكر بن عياش : لا تقطر قطرة من السحاب إلا بعد أن تعمل الرياح الأربع فيه ، فالصبا تهيجه والشمال تجمعه والجنوب تذره والدبور تفرقه ، وفي الخبر : أن اللقح رياح الجنوب. وفي بعض الآثار : ما هبت ريح
__________________
(١) في المطبوع «غلظ».
(٢) في المطبوع «حيث».
(٣) زيد في المطبوع «فصار شدة الحراسة والاهتمام بالرحم».
(٤) في المطبوع «سنة».
(٥) زيد في المطبوع «في».
(٦) في المطبوع «جواهر».
(٧) في المخطوط «من».
(٨) زيد في المطبوع و ـ ط ، «وزنا» وليس في المخطوط والطبري ٢١٠٨٨.
(٩) زيد في المطبوع و ـ ط.
(١٠) في المطبوع وحده «جعلنا».
(١١) في المخطوط «بها».
(١٢) زيادة عن المخطوط.
(١٣) في المطبوع «فتمر» وفي المخطوط «فترمي» والمثبت عن تفسير الطبري ٢١٠٩٧ و ٢١٠٩٨ و ٢١٠٩٩.