يتقدم ولا يتأخر ، وقيل : العذاب. وقيل : الأجل المضروب.
(وَقالُوا) يعني : مشركي مكة ، (يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ) ، أي : القرآن وأرادوا به محمدا صلىاللهعليهوسلم ، (إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ) ، وذكروا تنزيل الذكر على سبيل الاستهزاء.
(لَوْ ما) ، هلا (تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ) ، شاهدين لك بالصدق على ما تقول إن الله أرسلك ، (إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) ، إنك نبي.
(ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ) ، قرأ أهل الكوفة غير أبي بكر بنونين (الْمَلائِكَةَ) نصب ، وقرأ أبو بكر بالتاء وضمها وفتح الزاي [والملائكة رفع ، وقرأ الباقون بالتاء وفتحها وفتح الزاي](١) (الْمَلائِكَةَ) رفع. (إِلَّا بِالْحَقِ) أي : بالعذاب ولو نزلت يعني الملائكة لعجلوا بالعذاب ، (وَما كانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ) أي : مؤخرين وقد كان الكفار يطلبون إنزال الملائكة عيانا فأجابهم الله تعالى بهذا. ومعناه أنهم لو نزلوا عيانا لزال عن الكفار الإمهال وعذبوا في الحال.
(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ) ، يعني القرآن ، (وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) ، أي : نحفظ القرآن من الشياطين أن يزيدوا فيه أو ينقصوا منه أو يبدلوا (٢) ، قال الله تعالى : (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ) [فصلت : ٤٢] والباطل : هو إبليس لا يقدر أن يزيد فيه ما ليس منه ولا أن ينقص منه ما هو منه. وقيل : الهاء في (لَهُ) راجعة إلى محمد صلىاللهعليهوسلم أي : إنا لمحمد حافظون (٣) ممن أراده بسوء كما قال جلّ ذكره : (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) [المائدة : ٦٧].
قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ) ، أي : رسلا ، (فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ) ، أي : [في الأمم والقرون الماضية](٤) والشيعة هم القوم المجتمعة المتفقة كلمتهم [على رأي واحد](٥).
(وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) (١١) ، كما فعلوا بك ذكره تسلية للنبي صلىاللهعليهوسلم.
(كَذلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (١٢) لا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (١٤) لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (١٥) وَلَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاها لِلنَّاظِرِينَ (١٦) وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ (١٧))
(كَذلِكَ نَسْلُكُهُ) ، أي : كما سلكنا الكفر والتكذيب والاستهزاء بالرسل في قلوب شيع الأولين كذلك نسلكه ندخله ، (فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ) ، يعني مشركي مكة قومك ، وفيه رد على القدرية.
(لا يُؤْمِنُونَ بِهِ) ، يعني : لا يؤمنون بمحمد صلىاللهعليهوسلم وبالقرآن ، (وَقَدْ خَلَتْ) ، مضت ، (سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ) ، أي : وقائع الله تعالى بالإهلاك فيمن كذب الرسل من الأمم الخالية يخوف أهل مكة.
(وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ) ، يعني : على الذين يقولون لو ما تأتينا بالملائكة ، (باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ) [أي](٦) فظلت الملائكة يعرجون فيه وهم يرونها عيانا ، هذا قول الأكثرين. وقال الحسن : معناه فظل هؤلاء الكفار يعرجون فيه أي : يصعدون. والأول أصح.
__________________
(١) سقط من المخطوط.
(٢) زيد في المطبوع وحده «بغيره».
(٣) في المطبوع «لحافظون».
(٤) العبارة في المخطوط «في أمم الأولين».
(٥) زيد في المطبوع.
(٦) زيادة عن المخطوط.