[١٢٣١] وروي عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إذا اجتمع أهل النار في النار ومعهم من شاء الله من أهل القبلة قال الكفار لمن في النار من أهل القبلة ألستم مسلمين؟ قالوا : بلى ، قالوا فما أغنى عنكم إسلامكم وأنتم معنا في النار ، قالوا : كانت لنا ذنوب فأخذنا بها فيغفر الله لهم بفضل رحمته فيأمر بكل من كان من أهل القبلة في النار فيخرجون منها فحينئذ يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين».
فإن قيل : كيف قال ربما وهي للتقليل وهذا التمني يكثر من الكفار؟ قلنا : قد تذكر ربما للتكثير أو أراد أن شغلهم بالعذاب لا يفرغهم للندامة إنما يخطر ذلك ببالهم أحيانا.
(ذَرْهُمْ) ، يا محمد يعني الذين كفروا ، (يَأْكُلُوا) في الدنيا ، (وَيَتَمَتَّعُوا) ، من لذاتها (١) (وَيُلْهِهِمُ) ، يشغلهم ، (الْأَمَلُ) ، عن الأخذ بحظهم من الإيمان والطاعة ، (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) ، إذا وردوا القيامة وذاقوا وبال ما صنعوا ، وهذا تهديد ووعيد.
وقال بعض أهل العلم : ذرهم تهديد وقوله : (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) ، تهديد آخر ، فمتى يهنأ العيش بين تهديدين. والآية نسختها آية القتال.
(وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ (٤) ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ (٥) وَقالُوا يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (٦) لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٧) ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَما كانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ (٨) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (٩) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ (١٠) وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (١١))
(وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ) ، أي : من أهل قرية ، (إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ) ، أي : أجل مضروب لا يتقدم عليه ولا يأتيهم العذاب حتى يبلغوه ولا يتأخروا عنه (٢).
(ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها) ، من صلة أي : ما تسبق أمة أجلها ، (وَما يَسْتَأْخِرُونَ) ، أي : الموت لا
__________________
[١٢٣١] ـ حسن بشواهده. أخرجه ابن أبي عاصم في «السنة» ٨٤٣ والواحدي في «الوسيط» ٣ / ٣٩ والطبراني كما في «المجمع» ٧ / ٤٥ من حديث أبي موسى الأشعري.
ـ وقال الهيثمي : وفيه خالد بن نافع الأشعري قال أبو داود : متروك : قال الذهبي : هذا تجاوز في الحد ، فلا يستحق الترك ، فقد حدّث عنه أحمد بن حنبل وغيره ، وبقية رجاله ثقات ا ه.
ـ وأخرجه الطبري ٢١٠٠٥ من حديث أبي موسى قال : بلغنا أنه إذا كان يوم القيامة .... فذكره وفي آخره ثم قرأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ .....).
ـ وللحديث شواهد يتقوى بها منها :
ـ حديث ابن عباس أخرجه الطبري ٢١٠٠٧ والحاكم ٢ / ٣٥٣ وصححه ووافقه الذهبي مع أن في إسناده عطاء بن السائب اختلط.
ـ وحديث أنس أخرجه ابن أبي عاصم في «السنة» ٨٤٤ وإسناده منقطع.
الخلاصة : هو حديث حسن بشواهده ، وصححه الألباني في «ظلال الجنة» ٨٤٣ و ٨٤٤ ، وحسبه أن يكون حسنا ، والله أعلم.
(١) في المطبوع وحده «لذاتهم».
(٢) كذا في المخطوطتين ، وفي المطبوع و ـ ط «ولا يتأخر عنهم».