كلمتهم. وقيل : لأنه أمسك عنهم المطر في ذلك الوقت وقحطوا فقالوا : أصابنا هذا الضر والشدة من شؤمك وشؤم أصحابك ، (قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللهِ) ، أي ما يصيبكم من الخير والشر عند الله بأمره وهو مكتوب عليكم ، سمي طائرا لسرعة نزوله بالإنسان فإنه لا شيء أسرع من قضاء محتوم ، قال ابن عباس : الشؤم أتاكم من عند الله لكفركم. وقيل طائركم أي عملكم عند الله ، سمي طائرا لسرعة صعوده إلى السماء. (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ) ، قال ابن عباس : تختبرون بالخير والشر ، نظيره قوله تعالى : (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً) [الأنبياء : ٣٥] ، وقال محمد بن كعب القرظي : تعذبون.
قوله تعالى : (وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ) يعني مدينة ثمود وهي الحجر ، (تِسْعَةُ رَهْطٍ) ، من أبناء أشرافهم ، (يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ) ، وهم الذين اتفقوا على عقر الناقة وهم غواة قوم صالح ورأسهم قدار بن سالف ، وهو الذي تولى عقرها ؛ كانوا يعملون بالمعاصي.
(قالُوا تَقاسَمُوا بِاللهِ) ، تحالفوا يقول بعضهم لبعض : احلفوا بالله أيها القوم ، وموضع تقاسموا جزم على الأمر ، وقال قوم محله نصب على الفعل الماضي ، يعني أنهم تحالفوا وتواثقوا (١) ، تقديره : قالوا متقاسمين بالله ، (لَنُبَيِّتَنَّهُ) أي : لنقتلنّه بياتا أي ليلا ، (وَأَهْلَهُ) ، أي قومه الذين أسلموا معه ، وقرأ الأعمش وحمزة والكسائي «لتبيتنه» و «لتقولن» بالتاء فيهما وضم لام الفعل على الخطاب ، وقرأ الآخرون بالنون فيهما وفتح لام الفعل ، (ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ) ، أي لولي دمه ، (ما شَهِدْنا) ، ما حضرنا ، (مَهْلِكَ أَهْلِهِ) ، أي إهلاكهم ، ولا ندري من قتله ، ومن فتح الميم فمعناه هلاك أهله ، (وَإِنَّا لَصادِقُونَ) ، في قولنا ما شهدنا ذلك.
(وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٥٠) فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (٥١) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٥٢) وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ (٥٣) وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (٥٤) أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (٥٥) فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ (٥٦) فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ (٥٧) وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (٥٨))
(وَمَكَرُوا مَكْراً) ، غدروا غدرا حين قصدوا تبييت صالح والفتك به ، (وَمَكَرْنا مَكْراً) ، جزيناهم على مكرهم بتعجيل عقوبتهم ، (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ).
(فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا) ، قرأ أهل الكوفة «أنا» بفتح الألف ردا على العاقبة ، أي [كانت العاقبة](٢) أنا دمرناهم ، وقرأ الآخرون «إنا» بالكسر على الاستئناف ، (دَمَّرْناهُمْ) ، أي أهلكناهم التسعة. واختلفوا في كيفية هلاكهم ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : أرسل الله الملائكة تلك الليلة إلى دار صالح يحرسونه فأتى التسعة دار صالح شاهرين سيوفهم فرمتهم الملائكة بالحجارة من حيث [لا](٣) يرون الملائكة ، فقتلتهم (٤). قال مقاتل : نزلوا في سفح جبل ينظر بعضهم بعضا ليأتوا دار صالح ،
__________________
(١) في المخطوط «وتوافقوا».
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) سقط من المطبوع.
(٤) تصحف في المطبوع «فقتلهم».