من أسماء القرآن. وقال مجاهد : اسم للسورة. قال محمد بن كعب القرظي : أقسم الله بطوله وسنائه وملكه.
(تِلْكَ) ، أي هذه (آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ).
(لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٣) إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ (٤) وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ إِلاَّ كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ (٥) فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبؤُا ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٦) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (٧) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (٨))
(لَعَلَّكَ باخِعٌ) ، قاتل ، (نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) [أي](١) إن لم يؤمنوا وذلك حين كذب أهل مكة فشق عليه وكان يحرص على إيمانهم ، فأنزل الله هذه الآية.
(إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) (٤) ، قال قتادة : لو شاء الله لأنزل عليهم آية يذلون بها فلا يلوي أحد منهم عنقه إلى معصية الله. وقال ابن جريج : معناه لو شاء الله لأراهم أمرا من أمره لا يعمل أحد منهم بعده معصية. وقوله عزوجل : (خاضِعِينَ) ولم يقل خاضعة وهي صفة الأعناق ، وفيه أقاويل أحدها أراد أصحاب الأعناق فحذف الأصحاب وأقام الأعناق مقامهم ، لأن الأعناق إذا خضعت فأربابها خاضعون ، جعل الفعل أولا للأعناق ثم جعل خاضعين للرجال. وقال الأخفش : ردّ الخضوع على المضمر الذي أضاف الأعناق إليه. وقال قوم : ذكر الصفة لمجاورتها المذكر ، وهو قوله : على عادة العرب في تذكير المؤنث إذا أضافوه إلى مذكر ، وتأنيث المذكر إذا أضافوه إلى مؤنث. وقيل : أراد فظلوا خاضعين فعبر (٢) بالعنق عن جميع البدن ، كقوله (ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ) [الحج : ١٠] و (أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ) [الإسراء : ١٣]. وقال مجاهد : أراد بالأعناق الرؤساء والكبراء ، أي : فظلت [رؤساؤهم](٣) كبراؤهم [لها] خاضعين. وقيل : أراد بالأعناق الجماعات ، يقال : جاء القوى عنقا عنقا أي جماعات وطوائف. وقيل : إنما قال خاضعين على وفاق رءوس الآي ليكون على نسق واحد.
(وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ) ، وعظ وتذكير ، (مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ) ، أي محدث إنزاله ، فهو محدث في التنزيل. قال الكلبي : كلما نزل شيء من القرآن بعد شيء فهو أحدث من الأول ، (إِلَّا كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ) ، أي عن الإيمان به.
(فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ) ، أي : فسوف يأتيهم ، أنبأ ، أخبار وعواقب ، (ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ). (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ) ، صنف وضرب ، (كَرِيمٍ) ، حسن من النبات مما يأكل الناس والأنعام ، يقال : نخلة كريمة إذا طاب حملها ، وناقة كريمة إذا كثر لبنها. قال الشعبي : الناس من نبات الأرض فمن دخل الجنة فهو كريم ، ومن دخل النار فهو لئيم.
(إِنَّ فِي ذلِكَ) ، الذي ذكرت ، (لَآيَةً) ، دلالة على وجودي وتوحيدي وكمال قدرتي ، (وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ) ، مصدقين أي سبق علمي فيهم أن أكثرهم لا يؤمنون. وقال سيبويه : كان هاهنا صلة مجازه : وما أكثرهم مؤمنين.
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) تصحف في المطبوع «فعبروا».
(٣) زيادة عن المخطوط.